للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوقها إلى أراضي البعل وغيرها، وهي أيضا مما أنشأه الملك الناصر محمد بن قلاون في سنة خمس وعشرين وسبعمائة، وأدركت هناك أملاكا مطلّة على الخليج بعد سنة ثمانين وسبعمائة، وهذه القناطر من أحسن منتزهات أهل القاهرة أيام الخليج، لما يصير فيه من الماء، ولما على حافته الشرقية من البساتين الأنيقة، إلّا أنها الآن قد خربت. وتجاه هذه القنطرة منظرة البعل التي تقدّم ذكرها عند ذكر مناظر الخلفاء، وبقيت آثارها إلى الآن، أدركناها يعطن فيها الكتان، وبها عرفت الأرض التي هناك، فسميت إلى الآن بأرض البعل، وكان هناك صف من شجر السنط قد امتدّ من تجاه قناطر الإوز إلى منظرة البعل، وصار فاصلا بين مزرعتين يجلس الناس تحته في يومي الأحد والجمعة للنزهة، فيكون هناك من أصناف الناس رجالهم ونسائهم ما لا يقع عليه بصر، ويباع هناك مآكل كثيرة، وكان هناك حانوت من طين تجاه القنطرة يباع فيها السمك، أدركتها وقد استؤجرت بخمس آلاف درهم في السنة، عنها يومئذ نحو مائتين وخمسين مثقالا من الذهب، على أنه لا يباع فيما السمك إلّا نحو ثلاثة أشهر أو دون ذلك، ولم يزل هذا السنط إلى نحو سنة تسعين وسبعمائة، فقطع. وإلى اليوم تجتمع الناس هناك، ولكن شتان بين ما أدركنا وبين ما هو الآن، وقيل لها قناطر الإوز.

قناطر بني وائل: هذه القناطر على الخليج الكبير تجاه التاج، أنشأها الملك الناصر محمد بن قلاون في سنة خمس وعشرين وسبعمائة، وعرفت بقناطر بني وائل من أجل أنه كان بجانبها عدّة منازل يسكنها عرب ضعاف بالجانب الشرقيّ، يقال لهم بنو وائل، ولم يزالوا هناك إلى نحو سنة تسعين وسبعمائة، وكان بجانب هذه القناطر من الجانب الغربيّ مقعد أحدثه الوزير الصاحب سعد الدين نصر الله بن البقريّ لأخذ المكوس، واستمرّ مدّة ثم خرب، ولم ير أحسن منظرا من هذه القنطرة في أيام النيل وزمن الربيع.

قنطرة الأميرية: هذه القنطرة هي آخر ما على الخليج الكبير من القناطر بضواحي القاهرة، وهي تجاه الناحية المعروفة بالأميرية، فيما بينها وبين المطرية، أنشأها الملك الناصر محمد بن قلاون في سنة خمس وعشرين وسبعمائة، وعند هذه القنطرة ينسدّ ماء النيل إذا فتح الخليج عند وفاء زيادة النيل ست عشرة ذراعا، فلا يزال الماء عند سدّ الأميرية هذا إلى يوم النوروز، فيخرج والي القاهرة، إليه ويشهد على مشايخ أهل الضواحي بتغليق أراضي نواحيهم بالريّ، ثم يفتح هذا السدّ فيمرّ الماء إلى جسر شيبين القصر، ويسدّ عليه حتى يروى ما على جانبي الخليج من البلاد، فلا يزال الماء واقفا عند سدّ شيبين إلى يوم عيد الصليب، وهو اليوم السابع عشر من النوروز، فيفتح حينئذ بعد شمول الريّ جميع تلك الأراضي، وليس بعد قنطرة الأميرية هذه قنطرة سوى قنطرة ناحية سرياقوس، وهي أيضا إنشاء الملك الناصر محمد بن قلاون، وبعد قنطرة سرياقوس جسر شيبين القصر، وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى عند ذكر الجسور من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>