من الدور على هذه البركة أيضا، حتى أنه كان من خرج من مصلى مصر القديم، وموضعه الآن الكوم الذي يطلّ على قبر القاضي بكار بالقرافة الكبرى، يرى بركة الفيل وقارون والنيل، ولم يزل ما حول هذه البركة خرابا إلى أن حفر الملك الناصر محمد بن قلاون البركة الناصرية في أراضي الزهري، وكانت واقعة الكنائس في سنة إحدى وعشرين وسبعمائة، فصار جانب هذه البركة الذي يلي خط السبع سقايات مقطع طريق، فيه مركز يقيم فيه من جهة متولى مصر من يحرس المارة من القاهرة إلى مصر، ولم يكن هناك شيء من الدور، وإنما كان هناك بستان بجوار حوض الدمياطيّ الموجود الآن تجاه كوم الأساري على يمنة من خرج وسلك من السبع سقايات إلى قنطرة السدّ، ويشرف هذا البستان على هذه البركة، فحكر أقبغا عبد الواحد مكانه، وصارت فيه الدور الموجودة الآن كما ذكر عند حكر أقبغا في ذكر الأحكار.
قال القضاعيّ: دار الفيل هي الدار التي على بركة قارون، ذكر بنو مسكين أنها من حبس جدّهم، وكان كافور أمير مصر اشتراها وبنى فيها دارا ذكر أنه أنفق عليها مائة ألف دينار، ثم سكنها في رجب سنة ست وأربعين وثلاثمائة، وذكر اليمنيّ أنه انتقل إليها في جمادى الآخرة من السنة المذكورة، وأنه كان أدخل فيها عدّة مساجد ومواضع اغتصبها من أربابها، ولم يقم فيها غير أيام قلائل، ثم أرسل إلى أبي جعفر مسلم الحسينيّ ليلا فقال له:
امض بي إلى دارك، فمضى به، فمرّ على دار فقال: لمن هذه؟ فقال: لغلامك نحرير التربية، فدخلها وأقام فيها شهورا إلى أن عمروا له دار خمارويه المعروفة بدار الحرم، وسكنها، وقيل أن سبب انتقاله من جنان بني مسكين بخار البركة. وقيل وباء وقع في غلمانه، وقيل ظهر له بهاجان. وكانت دار الفيل هذه ينظر منها جزيرة مصر التي تعرف اليوم بالروضة.
قال أبو عمر الكنديّ في كتاب الموالي: ومنهم أبو غنيم مولى مسلمة بن مخلد الأنصاريّ، كان شريفا في الموالي، وولاه عبد العزيز بن مروان الجزيرة، ثم عزله عنها، وكان يجلس في داره التي يقال لها دار الفيل فينظر إلى الجزيرة فيقول لإخوانه: أخبروني بأعجب شيء في الدنيا. قالوا: منارة الإسكندرية. قال: ما أصبتم شيئا. قال: فيقولون له فقناة قرطاجنة. فيقول: ما صنعتم شيئا. قالوا: فما تقول أنت؟ قال: العجب أني أنظر إلى الجزيرة ولا أقدر أدخلها، وعلى هذه البركة الآن عدّة آدر جليلة وجامع وحمام وغير ذلك، والله تعالى أعلم بالصواب.
بركة الفيل: هذه البركة فيما بين مصر والقاهرة، وهي كبيرة جدّا، ولم يكن في القديم عليها بنيان، ولما وضع جوهر القائد مدينة القاهرة كانت تجاه القاهرة، ثم حدثت حارة السودان وغيرها خارج باب زويلة، وكان ما بين حارة السودان وحارة اليانسية وبين بركة