اسمه زياد، فأقيم بعده وكفلته أخته هند ابنة إسحاق، وتولى معها رشد عبد أبي الجيش حتى مات، فولى بعد رشد عبده حسين بن سلامة، وكان عفيفا، فوزر لهند ولأخيها حتى ماتا، ثم انتقل الملك إلى طفل من آل زياد، وقام بأمره عمته وعبد الحسين بن سلامة اسمه مرجان، وكان لمرجان عبدان قد تغلبا على أمره يقال لأحدهما قيس وللآخر نجاح، فتنافسا على الوزارة، وكان قيس عسوفا، ونجاح رقيقا، وكان مرجان سيدهما يميل إلى قيس، وعمة الطفل تميل إلى نجاح، فشكا قيس ذلك إلى مرجان، فقبض على الملك الطفل إبراهيم وعلى عمته تملك، فبنى قيس عليهما جدارا، فكان إبراهيم آخر ملوك اليمن من آل زياد، وكان القبض عليه وعلى عمته سنة سبع وأربعمائة، فكانت مدّة بني زياد مائتي سنة وأربعا وستين سنة، فعظم قتل إبراهيم وعمته تملك على نجاح وجمع الناس، وحارب قيسا بزبيد حتى قتل قيس، وملك نجاح المدينة في ذي القعدة سنة اثنتي عشرة، وقال لسيده مرجان: ما فعلت بمواليك وموالينا؟ فقال: هم في ذلك الجدار، فأخرجهما وصلى عليهما ودفنهما وبنى عليهما مسجدا، وجعل سيده مرجان موضعهما في الجدار، ووضع معه جثة قيس وبنى عليهما الجدار، واستبدّ نجاح بمملكة اليمن، وركب بالمظلة وضربت السكة باسمه، ونجاح مولى مرجان، ومرجان مولى حسين بن سلامة، وحسين مولى رشد، ورشد مولى بني زياد، ولم يزل نجاح ملكا حتى مات سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، سمته جارية أهداها إليه الصليحيّ وترك من الأولاد عدّة.
فملك منهم سعيد الأحوال وإخوته عدّة سنين حتى استولى عليهم الصليحيّ فهربوا إلى دهلك، ثم قدم منهم جياش بن نجاح إلى زبيد متنكرا، وأخذ منها وديعة وعاد إلى دهلك، فقدمها أخوه سعيد الأحوق بعد ذلك واختفى بها، واستدعى أخاه جياشا وسارا في سبعين رجلا يوم التاسع من ذي القعدة سنة ثلاث وسبعين، وقصدوا الصليحيّ وقد سار إلى الحج، فوافوه عند بئر أمّ معبد وقتلوه في ثاني عشرى ذي القعدة المذكور، وقتل معه ابنه عبد الله، واحتز سعيد رأسيهما، واحتاط على امرأته أسماء بنت شهاب، وعاد إلى زبيد ومعه أخوه جياش والرأسان بين أيديهما على هودج أسماء، وملك اليمن، فجمع المكرم ابن أسماء في سنة خمس وسبعين وسار من الجبال إلى زبيد وقاتل سعيدا، ففرّ سعيد، وملك المكرم واسمه أحمد، وأنزل رأس الصليحيّ وأخيه ودفنهما، وولي زبيد خاله أسعد بن شهاب، وماتت أسماء أمّه بعد ذلك في صنعاء سنة سبع وسبعين.
ثم عاد ابنا نجاح إلى زبيد وملكاها في سنة تسع وسبعين، ففرّ أسعد بن سهاب، ثم غلبهما أحمد المكرم بن عليّ الصليحيّ، وقتل سعيد بن نجاح في سنة إحدى وثمانين، وفرّ أخوه جياش إلى الهند، ثم عاد وملك زبيد في سنة إحدى وثمانين المذكورة، فولدت له جاريته الهندية ابنه الفاتك بن جياش، وبقي المكرم في الجبال يغير على بلاد جياش، وجياش يملك تهامة حتى مات آخر سنة ثمان وتسعين، فملك بعده ابنه فاتك، وخالف عليه