وأنكر على قاضي القضاة جمال الدين عبد الله التركمانيّ الحنفيّ ما عمله، ومنع من التحدث في أمر التجار والمدينين، فأخرج جرجي غرماء التجار من السجن وعاقبهم، حتى أخذ للتجار أموالهم منهم شيئا بعد شيء، وتمكن الحجاب من حينئذ من التحكم على الناس بما شاؤوا.
أمير جاندار: موضوع أمير جاندار، التسلم لباب السلطان، ولرتبة البرد دارية، وطوائف الركابية، والحرامانية، والجندارية. وهو الذي يقدم البريد إذا قدم مع الدوادار وكاتب السرّ، وإذا أراد السلطان تقرير أحد من الأمراء على شيء أو قتله بذنب، كان ذلك على يد أمير جاندار، وهو أيضا المتسلم للزردخاناه، وكانت أرفع السجون قدرا، ومن اعتقل بها لا تطول مدّته بها، بل يقتل أو يخلى سبيله، وهو الذي يدور بالزفة حول السلطان في سفره مساء وصباحا.
الأستادار: إليه أمر البيوت السلطانية كلها من المطابخ والشراب خاناه والحاشية والغلمان، وهو الذي كان يمشي بطلب السلطان في السرحات والأسفار، وله الحكم في غلمان السلطان وباب داره، وإليه أمور الجاشنكيرية. وإن كان كبيرهم نظيره في الأمرة من ذوي المئين، وله أيضا الحديث المطلق والتصرّف التام في استدعاء ما يحتاجه كلّ من في بيت من بيوت السلطان من النفقات والكساوى، وما يجري مجرى ذلك.
ولم تزل رتبة الأستادار على ذلك حتى كانت أيام الظاهر برقوق، فأقام الأمير جمال الدين محمود بن عليّ بن اصفر عيّنه استادارا وناط به تدبير أموال المملكة، فتصرّف في جميع ما يرجع إلى أمر الوزير وناظر الخاص، وصارا يتردّدان إلى بابه ويمضيان الأمور برأيه، فجلت من حينئذ رتبة الأستادار، بحيث أنه صار في معنى ما كان فيه الوزير في أيام الخلفاء، سيما إذا اعتبرت حال الأمير جمال الدين يوسف الاستادار في أيام الناصر فرج بن برقوق، كما ذكرناه عند ذكر المدارس من هذا الكتاب، فإنك تجده إنما كان كالوزير العظيم، لعموم تصرّفه ونفوذ أمره في سائر أحوال المملكة، واستقرّ ذلك لمن ولي الاستادارية من بعده، والأمر على هذا إلى اليوم.
أمير سلاح: هذا الأمير هو مقدّم السلاحدارية، والمتولي لحمل سلاح السلطان فى المجامع الجامعة، وهو المتحدّث في السلاح خاناه وما يستعمل بها وما يقدم إليها ويطلق منها، وهو أبدا من أمراء المئين.
الدوادار: ومن عادة الدولة أن يكون بها من أمرائها من يقال له الدوادار، وموضوعه لتبليغ الرسائل عن السلطان، وابلاغ عامّة الأمور، وتقديم القصص إلى السلطان، والمشاورة على من يحضر إلى الباب، وتقديم البريد هو أمير جاندار وكاتب السرّ، وهو الذي يقدم إلى السلطان كل ما تؤخذ عليه العلامة السلطانية من المناشير والتواقيع والكتب، وكان يخرج عن