للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مراجعة، فلذلك يحتاج إليه سائر أهل الدولة من أرباب السيوف والأقلام، ولا يستغني عن حسن سفارته نائب الشام، فمن دونه، ولله الأمر كله.

وأما في الدولة الأيوبية فإن كتاب الدرج كانوا في الدولة الكاملية قليلين جدا وكانوا في غاية الصيانة والنزاهة وقلة الخلطة بالناس، واتفق أنّ الصاحب زين الدين يعقوب بن الزبير كان من جملتهم، فسمع الملك الصالح نجم الدين أيوب عنه أنه يحضر في السماعات، فصرفه من ديون الإنشاء وقال: هذا الديوان لا يحتمل مثل هذا. وكانت العادة أن لا يحضر كتاب الإنشاء الديوان يوم الجمعة، فعرض للملك الصالح في بعض أيام الجمع شغل مهم، فطلب بعض الموقعين فلم يجد أحدا منهم، فقيل له أنهم لا يحضرون يوم الجمعة، فقال: استخدموا في الديوان كاتبا نصرانيا يقعد يوم الجمعة لمهم يطرأ، فاستخدم الأمجد بن العسال كاتب الدرج لهذا المعنى.

نظر الجيش: قد تقدّم أنّه كان يجلس بالقلعة دواوين الجيش في أيام الموكب، وتقدّم في ذكر الإقطاعات وذكر النيابة ما يدل على حال متولي نظر الجيش، ولا بدّ مع ناظر الجيش أن يكون من المستوفين، من يضبط كليّات المملكة وجزئياتها في الإقطاعات وغيرها.

نظر الخاص: هذه الوظيفة وإن كان لها ذكر قديم من عهد الخلفاء الفاطميين، فإن متوليها لم يبلغ من جلالة القدر ما بلغ إليه في الدولة التركية، وذلك أن الملك الناصر محمد بن قلاون لما أبطل الوزارة، وأقام القاضي كريم الدين الكبير في وظيفة نظر الخاص، صار متحدّثا فيما هو خاص بمال السلطان، يتحدّث في مجموع الأمر الخاص بنفسه، وفي القيام بأخذ رأيه فيه، فبقي تحدّثه فيه وبسببه كأنه هو الوزير، لقربه من السلطان وزيادة تصرّفه. وإلى ناظر الخاص التحدّث في الخزانة السلطانية، وكانت بقلعة الجبل، وكانت كبيرة الوضع لأنها مستودع أموال المملكة، وكان نظر الخزانة منصبا جليلا، إلى أن استحدثت وظيفة نظر الخاص فضعف أمر نظر الخزانة، وأمر الخزانة أيضا، وصارت تسمى الخزانة الكبرى، وهو اسم أكبر من مسماه، ولم يبق بها إلّا خلع يخلع منها أو ما يحضر إليها ويصرف أوّلا فأوّلا، وصار نظر الخزانة مضافا إلى ناظر الخاص، وكان الرسم أن لا يلي نظر الخزانة إلّا القضاة أو من يلحق بهم، وما برحت الخزانة بقلعة الجبل حتى عملها الأمير منطاش سجنا لمماليك الظاهر برقوق، في سنة تسعين وسبعمائة، فتلاشت من حينئذ ونسي أمرها، وصارت الخلع ونحوها عند ناظر الخاص في داره، وكانت لأهل الدولة في الخلع عوايد وهم على ثلاثة أنواع، أرباب السيوف والأقلام والعلماء، فأما أرباب السيوف فكانت خلع أكابر أمراء المئين الأطلس الأحمر الروميّ، وتحته الأطلس الأصفر الروميّ، وعلى الفوقانيّ طرز زركش ذهب، وتحته سنجاب، وله سجف من ظاهره، مع الغشاء قندس وكلوتة زركش بذهب وكلاليب ذهب وشاش لانس رفيع موصول به، في طرفيه حرير

<<  <  ج: ص:  >  >>