للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهياكل وأهلها قياما حسنا، ودبر جميع الأحياز. ويقال: إنه الذي حفر خليج سخا وارتفع مال البلد على يده مائة ألف ألف دينار وخمسين ألف ألف دينار، وقصده بعض عمالقة الشام فخرج إليه واستباحه، ودخل فلسطين، وقتل بها خلقا، وسبى بعض حكمائها وأسكنهم مصر، وهابته الملوك وعلى رأس ثلاثين من ملكه طمع السودان من الزنج والنوبة في أرضه، وعاثوا وأفسدوا، فجمع الجيوش من أعمال مصر وأعد المراكب، ووجه قائدا يقال له: فلوطس في ثلثمائة ألف، وقائدا آخر في مثلها، ووجه في النيل ثلثمائة سفينة في كل سفينة كاهن يعمل أعجوبة من العجائب، ثم خرج في جيوش كثيرة، فلقي جمع السودان، وكانوا في زهاء ألف ألف فهزمهم، وقتل أكثرهم أبرح قتل، وأسر منهم خلقا وتبعتهم جيوشه حتى وصلوا إلى أرض الفيلة من بلاد الزنج، فأخذوا منها عدّة ومن النمور والوحوش وساقوها إلى مصر فذللها وعمل على حدود بلده منارا وزبر عليه مسيره، وظفره الوقت الذي سار فيه، ومات بمصر فدفن في ناووس نقل إليه شيئا كثيرا من أصنام الكواكب، ومن الذهب والجوهر والصيغة والتماثيل، وزبر عليه اسمه وتاريخ هلاكه، وجعل له طلسمات تمنع منه وعهد إلى ابنه ماليق بن ندارس.

(خليج سردوس) «١» : حفره هامان. قال ابن وصيف شاه طلما بن قومس الملك:

جلس على سرير الملك، وحاز جميع ما كان في خزائنهم، وهو الذي تذكر القبط أنه فرعون موسى.

فأما أهل الأثر فيزعمون أنه الوليد بن مصعب، وأنه من العمالقة، وذكروا أن الفراعنة سبعة، وكان طلما فيما حكي عنه: قصيرا طويل اللحية أشهل العينين صغير العين اليسرى في جبينه شامة، وكان أعرج. وزعم قوم: أنه من القبط ونسب أهل بيته مشهور عندهم.

وذكر آخرون: أنه دخل منف على أتان عليها نطرون جاء ليبيعه، وكانوا قد اضطربوا في تولية الملك فرضوا أن يملكوا عليهم أوّل من يطرأ من الناس، فلما رأوه ملكوه عليهم، ولما جلس في الملك بذل الأموال، وقرب من أطاعه، وقتل من خالفه فاعتدل أمره، واستخلف هامان، وكان يقرب منه في نسبه، وأثار بعض الكنوز وصرفها في بناء المدائن والعمارات وحفر خلجانا كثيرة.

ويقال: إنه الذي حفر خليج سردوس، وكان كلما عرّجه إلى قرية من قرى الحوف حمل إليه أهلها مالا حتى اجتمع من ذلك مال كثير فأمر بردّه على أهله.

وقال ابن عبد الحكم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن فرعون استعمل هامان على حفر خليج سردوس فلما ابتدأ حفره أتاه أهل كل قرية يسألونه أن يجري

<<  <  ج: ص:  >  >>