الخليج تحت قريتهم، ويعطونه مالا؛ قال: وكان يذهب به إلى هذه القرية من نحو الشرق، ثم يردّه إلى قرية من نحو دبر القبلة، ثم يردّه إلى قرية في الغرب ثم يردّه إلى أهل قرية في القبلة، ويأخذ من أهل كل قرية مالا حتى اجتمع له من ذلك مائة ألف دينار، فأتى بذلك يحمله إلى فرعون فسأله عن ذلك، فأخبره بما فعل في حفره فقال له فرعون: ويحك إنه ينبغي للسيد أن يعطف على عباده، ويفيض عليهم، ولا يرغب فيما بأيديهم ردّ على أهل كل قرية ما أخذت منهم فردّه كله على أهله. قال: فلا يعلم بمصر خليج أكثر انعطافا منه لما فعل هامان في حفره كان هامان نبطيا.
(خليج الإسكندرية) : قال ابن عبد الحكم: ويقال: إن الذي بنى منارة الإسكندرية (فليطرة الملكة) وهي التي ساقت خليجها حتى أدخلته الإسكندرية، ولم يكن يدخلها الماء كان يعدل من قرية يقال لها: كسا قبالة الكريون، فحفرته حتى أدخلته الإسكندرية وهي التي بلطت قاعته. وقال الكندي: إن الحارث بن مسكين قاضي مصر حفر خليج الإسكندرية.
وقال الأسعد بن مماتي في كتاب قوانين الدواوين: خليج الإسكندرية عليه عدّة ترع وطوله من فم الخليج ثلاثون ألف قصبة وستمائة قصبة، وعرضه من قصبتين ونصف إلى ثلاث قصبات ونصف، ومقام الماء فيه بالنسبة إلى النيل فإن كان مقصر أقصرت مدّة إقامته فيه، وإن كان عاليا أقام فيه ما يزيده على شهرين.
ورأيت جماعة من أهل الخبرة، وذوي المعرفة يقولون: إنه إذا عملت من قبالة منية نتيج إلى نتيج زلاقة استقرّ الماء فيه صيفا وشتاء، ورأيت البحيرة جميعها وحوف ودمسيس والكفور الشاسعة، وقد زرعت عليه القصب، والقلقاس والنيلة وأنواع زراعة الصيفيّ وجرى مجرى بحر الشرق والمحلة، وتضاعفت عليه البلاد، وعظم ارتفاعها وإقامة هذه الزلاقة ممكنة لوجود الحجارة في ربوة والطوب في البحيرة، وإنهم قدّروا ما يحتاج إليه فوجدوه يناهز عشرة آلاف دينار.
ويقال: إنه كان الماء فيه جاريا طول السنة، وكان السمك فيه غاية من الكثرة بحيث تصيده الأطفال بالخرق فضمنه بعض الولاة بمال، ومنع الناس من صيده، فعدم منه السمك، ولم ير بعد ذلك فيه سمكة فصار يخرج بالشباك.
(خليج الفيوم والمنهى) : مما حفره نبيّ الله يوسف الصديق عليه السلام عندما عمّر الفيوم كما هو مذكور في خبر الفيوم من هذا الكتاب، وهو مشتق من النيل لا ينقطع جريه أبدا، وإذا قابل النيل ناحية دورة سريام التي تعرف اليوم بدورة الشريف يعني ابن يغلن النائب في الأيام الظاهرية بيبرس تشعبت منه في غربيه شعبة تسمى المنهى تستقل نهرا يصل إلى الفيوم، وهو الآن عرف: ببحر يوسف، وهو نهر لا ينقطع جريانه في جميع السنة، فيسقي الفيوم عامّة سقيا دائما، ثم ينجرّ فضل مائه في بحيرة هناك، ومن العجب أنه ينقطع ماؤه من