الثلاثاء عاشر جمادى الأولى سنة ثلاث وستين، وكان يبلغ بالكاف، وحج مرّتين إحداهما سنة أربع وخسمسين، والثانية سنة ستين.
فأقيم بعده ابنه المتوكل على الله أبو عبد الله محمد بعهده إليه في يوم الخميس ثاني عشرة، وخلع عليه بين يدي السلطان الملك المنصور محمد بن الملك المظفر حاجي، وفوّض إليه نظر المشهد، ونزل إلى داره فلم يزل حتى تنكر له الأمير أينبك في أوّل ذي القعدة سنة ثمان وسبعين بعد قتل الملك الأشرف شعبان بن حسين، وأخرجه ليسير إلى قوص.
وأقام عوضه في الخلافة ابن عمه زكريا بن إبراهيم بن محمد في ثالث عشري صفر سنة تسع وسبعين، وكان قد أمر بردّ المتوكل من نفيه، فردّ إلى منزله من يومه، فأقام به حتى رضي عنه أينبك وأعاده في العشرين من ربيع الأوّل منها إلى خلافته، ثم سخط عليه الظاهر برقوق وسجنه مقيدا في يوم الاثنين أوّل رجب سنة خمس وثمانين، وقد وشي به أنه يريد الثورة وأخذ الملك.
وأقيم بعده في الخلافة الواثق بالله أبو حفص عمر بن المعتصم أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن الحاكم، في يوم الاثنين المذكور، فما زال خليفة حتى مات يوم السبت تاسع شوّال سنة ثمان وثمانين. فأقام الظاهر بعده في الخلافة أخاه زكريا بن إبراهيم في يوم الخميس ثامن عشرية، ولقب بالمستعصم، وركب بالخلعة وبين يديه القضاة من القلعة إلى منزله، فلما أشرف الظاهر برقوق على زوال ملكه وقرب الأمير يلبغا الناصريّ نائب حلب بالعساكر، استدعى المتوكل على الله من محبسه وأعاده إلى الخلافة، وخلع عليه في يوم الأربعاء أوّل جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين، وبالغ في تعظيمه، وأنعم عليه، فلم يزل على خلافته حتى توفي ليلة الثلاثاء ثامن عشري رجب سنة ثمان وثمانمائة، وهو أوّل من اتسعت أحواله من الخلفاء بمصر، وصار له إقطاعات ومال.
فأقيم في الخلافة بعده ابنه المستعين بالله أبو الفضل العباس، وخلع عليه في يوم الاثنين رابع شعبان بالقلعة بين يدي الناصر فرج بن برقوق، ونزل إلى داره ثم سار مع الناصر إلى الشام، وحضر معه وقعة اللجون حتى انهزم، فدعاه الأميران شيخ ونوروز فمضى من موقفه إليهما ومعه مباشر والدولة، فأنزلاه ووكلا به وسارا به لحصار الناصر، ثم ألزماه حتى خلعه من السلطنة، وأقامه شيخ في السلطنة وبايعه ومن معه، في يوم السبت خامس عشري المحرّم سنة خمس عشرة وثمانمائة، وبعث إلى نوروز وهو بشماليّ دمشق حتى بايعه، فنالوا بإقامته أغراضهم من قتل الناصر وانتظام أمرهم، ثم سار به شيخ إلى مصر وأقام نوروز بدمشق، فلما قدم به أسكنه القلعة ونزل هو بالحراقة من باب السلسلة، وقام بجميع الأمور وترك الخليفة في غاية الحصر، حتى استبدّ بالسلطنة، فكانت مدّة الخليفة منذ أقاموه سلطانا