تسليمة واحدة، ويقرأ في الركعة الأولى بالبقرة، وفي الثانية بقل هو الله أحد، ويرفع يديه في القصص إذا دعا. وكان عبد الملك بن مروان شكا إلى العلماء ما انتشر عليه من أمور رعيته وتحوّفه من كلّ وجه. فأشار عليه أبو حبيب الحمصيّ القاضي بأن يستنصر عليهم برفع يديه إلى الله تعالى، فكان عبد الملك يدعو ويرفع يديه، وكتب بذلك إلى القصاص فكانوا يرفعون أيديهم بالغداة والعشي.
وفي هذا الجامع مصحف أسماء، وهو الذي تجاه المحراب الكبير. قال القضاعيّ:
كان السبب في كتب هذا المصحف، أنّ الحجاج بن يوسف الثقفيّ كتب مصاحف وبعث بها إلى الأمصار، ووجه إلى مصر بمصحف منها، فغضب عبد العزيز بن مروان من ذلك، وكان الوالي يومئذ من قبل أخيه عبد الملك وقال: يبعث إلى جند أنا فيه بمصحف؟ فأمر فكتب له هذا المصحف الذي في المسجد الجامع اليوم، فلما فرغ منه قال: من وجد فيه حرفا خطأ فله رأس أحمر وثلاثون دينارا، فتداوله القرّاء، فأتى رجل من قراء الكوفة اسمه زرعة بن سهل الثقفيّ فقرآه تهجيا، ثم جاء إلى عبد العزيز بن مروان فقال له: إني قد وجدت في المصحف حرفا خطأ. فقال: مصحفي؟ قال نعم. فنظر فإذا فيه إنّ هذا أخي له تسع وتسعون نعجة. فإذا هي مكتوبة نجعة، قد قدّمت الجيم قبل العين، فأمر بالمصحف فأصلح ما كان فيه، وأبدلت الورقة، ثم أمر له بثلاثين دينارا وبرأس أحمر، ولما فرغ من هذا المصحف كان يحمل إلى المسجد الجامع غداة كلّ جمعة، من دار عبد العزيز، فيقرأ فيه ثم يقص ثم يردّ إلى موضعه. فكان أوّل من قرأ فيه عبد الرحمن بن حجيرة الخولانيّ، لأنه كان يتولى القصص والقضاء يومئذ، وذلك في سنة ست وسبعين، ثم تولى بعده القصص أبو الخير مرثد بن عبد الله اليزنيّ، وكان قاضيا بالاسكندرية قبل ذلك، ثم توفي عبد العزيز في سنة ست وثمانين، فبيع هذا المصحف في ميراثه، فاشتراه ابنه أبو بكر بألف دينار، ثم توفي أبو بكر فاشترته أسماء ابنة أبي بكر بن عبد العزيز بسبعمائة دينار، فأمكنت الناس منه وشهرته، فنسب إليها. فلما توفيت أسماء اشتراه أخوها الحكم بن عبد العزيز بن مروان من ميراثها بخمسمائة دينار، فأشار عليه توبة بن نمر الحضرميّ القاضي، وهو متولي القصص يومئذ بالمسجد الجامع، بعد عقبة بن مسلم الهمدانيّ، وإليه القضاء. وذلك في سنة ثمان عشرة ومائة، فجعله في المسجد الجامع، وأجرى على الذي يقرأ فيه ثلاثة دنانير في كل شهر من غلة الإصطبل، فكان توبة أوّل من قرأ فيه بعد أن أقرّ في الجامع، وتولى القصص بعد توبة أبو اسماعيل خير بن نعيم الحضرميّ القاضي، في سنة عشرين ومائة، وجمع له القضاء والقصص، فكان يقرأ في المصحف قائما، ثم يقص وهو جالس، فهو أوّل من قرأ في المصحف قائما، ولم تزل الأئمة يقرءون في المسجد الجامع في هذا المصحف في كلّ يوم جمعة، إلى أن ولي القصص أبو رجب العلاء بن عاصم الخولانيّ، في سنة اثنتين وثمانين ومائة فقرأ فيه يوم الاثنين، وكان قد جعل المطلب الخزاعيّ أمير مصر، من قبل