للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سائر النواحي فدخلوا في الدعوة وجعل لهم يومان في الأسبوع، وكثر الازدحام ومات فيه جماعة، ومنع الناس من الخروج بعد المغرب في الطرقات، وأن لا يظهر أحد بها لبيع ولا شراء، فخلت الطرق من المارّة وكسرت أواني الخمور وأريقت من سائر الأماكن، واشتدّ خوف الناس بأسرهم، وقويت الشناعات وزاد الاضطراب، فاجتمع كثير من الكتاب وغيرهم تحت القصر وضجوا يسألون العفو، فكتب عدّة أمانات لجميع الطوائف من أهل الدولة وغيرهم من الباعة والرعية، وأمر بقتل الكلاب فقتل منها ما لا ينحصر حتى فقدت، وفتحت دار الحكمة بالقاهرة وحمل إليها الكتب ودخل إليها الناس، فاشتدّ الطلب على الركابية المستخدمين في الركاب، وقتل منهم كثير، عفي عنهم وكتب لهم أمان، ومنع الناس كافة من الدخول من باب القاهرة، ومنع الناس من المشي ملاصق القصر، وقتل قاضي القضاة حسين بن النعمان وأحرق بالنار، وقتل عددا كثيرا من الناس ضربت أعناقهم.

وفي سنة ست وتسعين خرج أبو ركوة يدعو إلى نفسه وادّعى أنه من بني أمية، فقام بأمره بنو قرّة لكثرة ما أوقع بهم الحاكم وبايعوه، واستجاب له لواته ومزاته وزنادة، وأخذ برقة وهزم جيوش الحاكم غير مرّة، وغنم ما معهم، فخرج لقتاله القائد فضل بن صالح في ربيع الأوّل وواقعه، فانهزم منه فضل واشتدّ الاضطراب بمصر، وتزايدت الأسعار واشتدّ الاستعداد لمحاربة أبي ركوة، ونزلت العساكر بالجيزة، وسار أبو ركوة فواقعه القائد فضل وقتل عدّة ممن معه، فعظم الأمر واشتدّ الخوف وخرج الناس فباتوا بالشوارع. خوفا من هجوم عساكر أبي ركوة، واستمرّت الحروب فانهزم أبو ركوة في ثالث ذي الحجة إلى الفيوم، وتبعه القائد فضل بعد أن بعث إلى القاهرة بستة آلاف رأس ومائة أسير إلى أن قبض عليه ببلاد النبوة، وأحضر إلى القاهرة فقتل بها، وخلع على القائد فضل، وسيّرت البشائر بقتله إلى الأعمال.

وفي سنة سبع وتسعين أمر بمحوسبّ السلف فمحي سائر ما كتب من ذلك، وغلت الأسعار لنقص ماء النيل، فإنه بلغ ستة عشر أصبعا من سبعة عشر ذراعا، نقص، ومات ينجو تكين في ذي الحجة، واشتدّ الغلاء في سنة ثمان وتسعين، وولي عليّ بن فلاح دمشق، وقبض جميع ما هو محبس على الكنائس، وجعل في الديوان، وأحرق عدّة صلبان على باب الجامع بمصر، وكتب إلى سائر الأعمال بذلك.

وفي سادس عشر رجب قرّر مالك بن سعيد الفارقيّ في وظيفة قضاء القضاة، وتسلم كتب الدعوة التي تقرأ بالقصر على الأولياء، وصرف عبد العزيز بن النعمان عن ذلك، وصرف قائد القوّاد الحسين بن جوهر عما كان يليه من النظر في سابع شعبان، وقرّر مكانه صالح بن عليّ الروذباديّ، وقرّر في ديوان الشام مكانه أبو عبد الله الموصليّ الكاتب، وأمر حسين بن جوهر وعبد العزيز بلزوم دورهما، ومنعا من الركوب وسائر أولادهما، ثم عفا

<<  <  ج: ص:  >  >>