عنهما بعد أيام، وأمر بالركوب. وتوقفت زيادة النيل فاستسقى الناس مرّتين، وأمر بإبطال عدّة مكوس، وتعذر وجود الخبز لغلائة وقلته، وفتح الخليج في رابع توت، والماء على خمسة عشر ذراعا فاشتدّ الغلاء.
وفي تاسع المحرّم وهو نصف توت نقص ماء النيل ولم يوف ستة عشر ذراعا، فمنع الناس من التظاهر بالغناء ومن ركوب البحر للتفرّج، ومنع من بيع المسكرات، ومنع الناس كافة من الخروج قبل الفجر وبعد العشاء إلى الطرقات واشتدّ الأمر على الكافة لشدّة ما داخلهم من الخوف مع شدّة الغلاء، وتزايد الأمراض في الناس والموت.
فلما كان في رجب انحلت الأسعار، وقريء سجل فيه يصوم الصائمون على حسابهم ويفطرون، ولا يعارض أهل الرؤية فيما هم عليه صائمون ومفطرون، وصلاة الخمسين للذي جاءهم فيها يصلون، وصلاة الضحى وصلاة التراويح لا مانع لهم منها ولا هم عنها يدفعون، يخمّس في التكبير على الجنائز المخمسون، ولا يمنع من التربيع عليها المربعون، يؤذن بحيّ على خير العمل المؤذنون، ولا يؤذى من بها لا يؤذنون، لا يسب أحد من السلف، ولا يحتسب على الواصف فيهم بما وصف، والحالف منهم بما حلف، لكلّ مسلم مجتهد في دينه اجتهاده. ولقب صالح بن عليّ الروذباديّ بثقة ثقات السيف والقلم، وأعيد القاضي عبد العزيز بن النعمان إلى النظر في المظالم، وتزايدت الأمراض وكثر الموت وعزت الأدوية، وأعيدت المكوس التي رفعت، وهدمت كنائس كانت بطريق المقس، وهدمت كنيسة كانت بحارة الروم من القاهرة، ونهب ما فيها، وقتل كثير من الخدّام ومن الكتاب ومن الصقالية، بعد ما قطعت أيدي بعضهم من الكتاب بالشطور على الخشبة من وسط الذراع، وقتل القائد فضل بن صالح في ذي القعدة، وفي حادي عشر صفر صرف صالح بن عليّ الروذباديّ، وقرّر مكانه ابن عبدون النصرانيّ الكاتب فوقّع عن الحاكم، ونظر وكتب بهدم كنيسة قماسة، وجدّد ديوان يقال له الديوان المفرد برسم من يقبض ماله من المقتولين وغيرهم، وكثرت الأمراض وعزت الأدوية، وشهر جماعة وجد عندهم فقاع وملوخية ودلينس وضربوا، وعدم دائر القصر واشتدّ الأمر على النصارى واليهود في إلزامهم لبس الغيار، وكتب إبطال أخذ الخمس والنجاوي والفطرة، وفرّ الحسين بن جوهر وأولاده، وعبد العزيز بن النعمان، وفرّ أبو القاسم الحسين بن المغربيّ، وكتب عدّة أمانات لعدّة طوائف من شدّة خوفهم، وقطعت قراءة مجالس الحكمة بالقصر، ووقع التشديد في المنع من المسكرات، وقتل كثير من الكتاب والخدّام والفرّاشين، وقتل صالح بن عليّ الروذباديّ في شوّال.
وفي رابع المحرّم سنة إحدى وأربعمائة، صرف الكافي بن عبدون عن النظر والتوقيع، وقرّر بدله أحمد بن محمد القشوريّ الكاتب في الوساطة والسفارة، وحصر الحسين بن