للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جوهر وعبد العزيز بن النعمان إلى القاهرة، فأكرما. ثم صرف ابن القشوريّ بعد عشرة أيام من استقراره وضربت عنقه، وقرّر بدله زرعة بن عيسى بن نسطورس الكاتب النصرانيّ، ولقّب بالشافي، ومنع الناس من الركوب في المراكب في الخليج، وسدّت أبواب الدور التي على الخليج والطاقات المطلة عليه، وأضيف إلى قاضي القضاة مالك بن سعيد النظر في المظالم، وأعيدت مجالس الحكمة، وأخذ مال النجوى، وقتل ابن عبدون وأخذ ماله، وضرب جماعة وشهروا من أجل بيعهم الملوخية والسمك الذي لا قشر له، وبسبب بيع النبيذ، وقتل الحسين بن جوهر وعبد العزيز بن النعمان في ثاني عشر جمادي الآخرة سنة إحدى وأربعمائة، وأحيط بأموالهما، وأبطلت عدّة مكوس، ومنع الناس من الغناء واللهو ومن بيع المغنيات ومن الاجتماع بالصحراء. وفي هذه السنة خلع حسان بن مفرّج بن دغفل بن الجرّاح طاعة الحاكم، وأقام أبا الفتوح حسين بن جعفر الحسنيّ أمير مكة خليفة، وبايعه ودعا الناس إلى طاعته ومبايعته، وقاتل عساكر الحاكم. وفي سنة اثنتين وأربعمائة منع من بيع الزبيب وكوتب بالمنع من حمله، وألقي في بحر النيل منه شيء كثير، وأحرق شيء كثير، ومنع النساء من زيارة القبور، فلم ير في الأعياد بالمقابر امرأة واحدة، ومنع من الاجتماع على شاطىء النيل للتفرّج، ومنع من بيع العنب إلا أربعة أرطال فما دونها. ومنع من عصره وطرح كثير منه وديس في الطرقات، وغرّق كثير منه في النيل، ومنع من حمله وقطعت كروم الجيزة كلها، وسيّر إلى الجهات بذلك.

وفي سنة ثلاث وأربعمائة نزع السعر وازدحم الناس على الخبز، وفي ثاني ربيع الأوّل منها هلك عيسى بن نسطورس، فأمر النصارى بلبس السواد وتعلق صلبان الخشب في أعناقهم، وأن يكون الصليب ذراعا في مثله، وزنته خمسة أرطال، وأن يكون مكشوفا بحيث يراه الناس، ومنعوا من ركوب الخيل، وأن يكون ركوبهم البغال والحمير بسروج الخشب والسيور السود بغير حلية، وأن يسدّوا الزنانير ولا يستخدموا مسلما ولا يشتروا عبدا ولا أمة، وتتبعت آثارهم في ذلك، فأسلم منهم عدّة، وقرّر حسين بن طاهر الوزان في الوساطة والتوقيع عن الحاكم في تاسع عشري ربيع الأوّل منها، ولقب أمين الأمناء، ونقش الحاكم على خاتمه: بنصر الله العظيم الوليّ ينتصر الإمام أبو علي. وضرب جماعة بسبب اللعب بالشطرنج، وهدمت الكنائس وأخذ جميع ما فيها ومالها من الرباع، وكتب بذلك إلى الأعمال فهدمت بها، وفيها لحق أبو الفتح بمكة ودعا للحاكم وضرب السكة باسمه، وأمر الحاكم أن لا يقبّل أحد له الأرض، ولا يقبّل ركابه، ولا يده عند السلام عليه في المواكب، فإنّ الانحناء إلى الأرض لمخلوق من صنيع الروم، وأن لا يزاد على قولهم السلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، ولا يصلّى أحد عليه في مكاتبة ولا مخاطبة، ويقتصر في مكاتبته على سلام الله وتحياته. ونوامي بركاته على أمير المؤمنين، ويدعي له بما يتفق من الدعاء لا غير، فلم يقل الخطباء يوم الجمع سوى اللهمّ صلّ على محمد المصطفى، وسلّم

<<  <  ج: ص:  >  >>