يلبغا، وقيل له السالميّ نسبة إلى سالم، تاجره الذي جلبه، فترقّى في خدم السلطان الملك الظاهر برقوق إلى أن ولّاه نظر خانقاه الصلاح سعيد السعداء، في ثامن عشر جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين وسبعمائة، فأخرج كتاب الوقف وقصد أن يعمل بشرط الواقف، وأخرج منها جماعة من بياض الناس، فجرت أمور ذكرت في خبر الخانقاه. وفي سابع عشري صفر سنة ثمانمائة، أنعم عليه الملك الظاهر بإمرة عشرة عوضا عن الأمير بهادر فطيلس، ثم نقله إلى أمرة طبلخاناه، ثم جعله ناظرا على الخانقاه الشيخونية بالصليبة، في تاسع شعبان سنة إحدى وثمانمائة، فعسف بمباشر بها وأراد حملهم على مرّ الحق، فنفرت منه القلوب، ولما مرض الظاهر جعله أحد الأوصياء على تركته، فقام بتحليف المماليك السلطانية للملك الناصر فرج بن برقوق، والإنفاق عليهم بحضرة الناصر، فأنفق عليهم كل دينار من حساب أربعة وعشرين درهما، ولما انقضت النفقة نودي في البلدان أنّ صرف كل دينار ثلاثون درهما، ومن امتنع نهب ماله وعوقب، فحصل للناس من ذلك شدّة، وكان قد كثر القبض على الأمراء بعد موت الظاهر، فتحدّث مع الأمير الكبير ايتمش القائم بتدبير دولة الناصر فرج بعد موت أبيه في أن يكون على كلّ أمير من المقدّمين خمسون ألف درهم، وعلى كلّ أمير من الطبلخاناه عشرون ألف درهم، وعلى كلّ أمير عشرة خمسة آلاف درهم، وعلى كلّ أمير خمسة ألفا درهم وخمسمائة درهم. فرسم بذلك وعمل به مدّة ايام الناصر، وحصل به رفق للأمراء ومباشريهم، ثم خلع عليه واستقرّ أستادار السلطان عوضا عن الأمير الوزير تاج الدين عبد الرزاق بن أبي الفرج الملكيّ، في يوم الاثنين ثالث عشري ذي القعدة من السنة المذكورة، فأبطل تعريف منية بني خصيب، وضمان العرصة، وأخصاص الكيالين، وكتب بذلك مرسوما سلطانيا وبعث به إلى والي الأشمونين، وأبطل وفر الشون السلطانية، وما كان مقرّرا على البرددار «١» وهو في الشهر سبعة آلاف درهم، وما كان مقرّرا على مقدّم المستخرج، وهو في الشهر ثلاثة آلاف درهم، وكانت سماسرة الغلال تأخذ ممن يشتري شيئا من الغلة على كلّ أردب در همين سمسرة، وكيالة ولواحة وأمانة، فألزمهم أن لا يأخذوا عن كل أردب سوى نصف درهم، وهدّد على ذلك بالغرامة والعقوبة.
وركب في صفر سنة ثلاث وثمانمائة إلى ناحية المنية وشبرا الخيمة من الضواحي بالقاهرة، وكسر منها ما ينيف على أربعين ألف جرّة خمر، وخرّب بها كنيسة كانت للنصارى، وحمل عدّة جرار فكسرها تحت قلعة الجبل، وعلى باب زويلة، وشدّد على النصارى، فلم يمكنه أمراء الدولة من حملهم على الصغار والمذلة في ملبسهم، وأمر فضرب الذهب كلّ دينار زنته مثقال واحدا، وأراد بذلك إبطال ما حدث من المعاملة بالذهب الإفرنجيّ، فضرب ذلك وتعامل الناس به مدّة، وصار يقال دينار سالميّ إلى أن