للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثلاثمائة، ففي يوم عاشوراء كانت منازعة بين الجند وبين جماعة من الرعية عند قبر كلثوم العلوية بسبب ذكر السلف والنوح، قتل فيها جماعة من الفريقين، وتعصب السودان على الرعية، فكانوا إذا لقوا أحدا قالوا له: من خالك؟ فإن لم يقل معاوية وإلّا بطشوا به وشلحوه، ثم كثر القول معاوية خال عليّ، وكان على باب الجامع العتيق شيخان من العامّة يناديان في كل يوم جمعة في وجوه الناس من الخاص والعام، معاوية خالي وخال المؤمنين، وكاتب الوحي، ورديف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان هذا أحسن ما يقولونه، وإلّا فقد كانوا يقولون معاوية خال عليّ من هاهنا، ويشيرون إلى أن أصل الإذن، ويلقون أبا جعفر مسلما الحسينيّ فيقولون له ذلك في وجهه، وكان بمصر أسود يصيح دائما معاوية خال عليّ، فقتل بتنيس أيام القائد جوهر.

ولما ورد الخبر بقيام بني حسن بمكة ومحاربتهم الحاج ونهبهم، خرج خلق من المصريين في شوّال فلقوا كافور الإخشيديّ بالميدان ظاهر مدينة مصر وضجوا وصاحوا معاوية خال عليّ، وسألوه أن يبعث لنصرة الحاج على الطالبيين. وفي شهر رمضان سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة أخذ رجل يعرف بابن أبي الليث الملطيّ ينسب إلى التشيع فضرب مائتي سوط ودرة، ثم ضرب في شوّال خمسمائة سوط ودرة، وجعل في عنقه غل وحبس وكان يتفقد في كلّ يوم لئلا يخفف عنه ويبصق في وجهه، فمات في محبسه فحمل ليلا ودفن، فمضت جماعة إلى قبره لينبشوه وبلغوا إلى القبر فمنعهم جماعة من الإخشيدية والكافورية، فأبوا وقالوا هذا قبر رافضيّ، فثارت فتنة وضرب جماعة ونهبوا كثيرا حتى تفرّق الناس.

وفي سنة ست وخمسين كتب في صفر على المساجد ذكر الصحابة والتفضيل، فأمر الأستاذ كافور الإخشيديّ بإزالته، فحدّثه جماعة في إعادة ذكر الصحابة على المساجد فقال:

ما أحدث في أيامي ما لم يكن وما كان في أيام غيري فلا أزيله، وما كتب في أيامي أزيله، ثم أمر من طاف وأزاله من المساجد كلها. ولما دخل جوهر القائد بعساكر المعز لدين الله إلى مصر وبنى القاهرة أظهر مذهب الشيعة وأذن في جميع المساجد الجامعة وغيرها حيّ على خير العمل، وأعلن بتفضيل عليّ بن أبي طالب على غيره، وجهر بالصلاة عليه وعلى الحسن والحسين وفاطمة الزهراء رضوان الله عليهم، فشكا إليه جماعة من أهل المسجد الجامع أمر عجوز عمياء تنشد في الطريق، فأمر بها فحبست فسرّ الرعية بذلك ونادوا بذكر الصحابة ونادوا معاوية خال عليّ وخال المؤمنين، فأرسل جوهر حين بلغه ذلك رجلا إلى الجامع فنادى: أيها الناس أقلوا القول ودعوا الفضول، فإنما حبسنا العجوز صيانة لها، فلا ينطقن أحد إلّا حلّت به العقوبة الموجعة، ثم أطلق العجوز.

وفي ربيع الأوّل سنة اثنتين وستين عزر سليمان بن عروة المحتسب جماعة من

<<  <  ج: ص:  >  >>