للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرقة العاشرة الخوارج: ويقال لهم النواصب، والحرورية نسبة إلى حروراء، موضع خرج فيه أوّلهم على عليّ رضي الله عنه، وهم الغلاة في حب أبي بكر وعمر وبغض عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين، ولا أجهل منهم، فإنهم القاسطون المارقون، خرجوا على عليّ رضي الله عنه وانفصلوا عنه بالجملة وتبرّءوا منه، ومنهم من صحبه ومنهم من كان في زمنه، وهم جماعة قد دوّن الناس أخبارهم وهم عشرون فرقة:

الأولى يقال لهم الحكمية، لأنهم خرجوا على عليّ رضي الله عنه في صفين، وقالوا لا حكم إلا لله ولا حكم للرجال، وانحازوا عنه إلى حروراء، ثم إلى النهروان، وسبب ذلك أنهم حملوه على التحاكم إلى من حكم بكتاب الله، فلما رضي بذلك وكانت قضية الحكمين أبي موسى الأشعريّ، وهو عبد الله بن قيس، وعمرو بن العاص، غضبوا من ذلك ونابذوا عليا وقالوا في شعارهم، لا حكم إلّا لله ولرسوله، وكان إمامهم في التحكيم عبد الله بن الكوّاء.

والثانية الأزارقة أتباع أبي راشد نافع بن الأزرق بن قيس بن نهار بن إنسان بن أسد بن صبرة بن ذهل بن الدول بن حنيفة، الخارج بالبصرة في أيام عبد الله بن الزبير، وهم على التبرّي من عثمان وعليّ والطعن عليهما، وأن دار مخالفيهم دار كفر، وأن من أقام بدار الكفر فهو كافر، وأن أطفال مخالفيهم في النار، ويحل قتلهم، وأنكروا رجم الزاني وقالوا:

من قذف محصنة حدّ، ومن قذف محصنا لا يحدّ، ويقطع السارق في القليل والكثير.

والثالثة النجدات، ولم يقل فيهم النجدية، ليفرّق بينهم وبين من انتسب إلى بلاد نجد، فإنهم أتباع نجد بن عويمر، وهو عامر الحنفيّ الخارج باليمامة، وكان رأسا ذا مقالة مفردة، وتسمّى بأمير المؤمنين، وبعث عطية بن الأسود إلى سجستان فأظهر مذهبه بمرو، فعرفت أتباعه بالعطوية، ومذهبهم أن الدين أمران، أحدهما معرفة الله تعالى ومعرفة رسوله وتحريم دماء المسلمين وأموالهم. والثاني الإقرار بما جاء من عند الله تعالى جملة، وما سوى ذلك من التحريم والتحليل وسائر الشرائع، فإن الناس يعذرون بجهلها، وأنه لا يأثم المجتهد إذا أخطأ وأن من خالف أن يعذب المجتهد، فقد كفر واستحلوا دماء أهل الذمّة في دار التقية، وقالوا من نظر نظرة محرّمة أو كذب كذبة أو أصرّ على صغيرة ولم يتب منها فهو كافر، ومن زنى أو سرق أو شرب خمرا من غير أن يصرّ على ذلك فهو مؤمن غير كافر.

والرابعة الصفرية أتباع زياد بن الأصفر، ويقال أتباع النعمان بن صفر، وقيل بل نسبوا إلى عبد الله بن صفار، وهو أحد بني مقاعس، وهو الحارث بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم بن أدّ بن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار، وقيل عبد الله بن الصفار من بني صويمر بن مقاعس، وقيل سموا بذلك لصفرة علتهم، وزعم بعضهم أن الصفرية بكسر الصاد، وقد وافق الصفرية الأزارقة في جميع بدعهم إلّا في قتل الأطفال، ويقال للصفرية

<<  <  ج: ص:  >  >>