أهل الإفك والتضليل، وكتاب الإبانة، وكتاب تفسير القرآن، يقال أنه في سبعين مجلدا.
وكانت غلته من ضيعة وقفها بلال بن أبي بردة على عقبه، وكانت نفقته في السنة سبعة عشر درهما، وكانت فيه دعابة ومزح كثير. وقال مسعود بن شيبة في كتاب التعليم: كان حنفيّ المذهب، معتزليّ الكلام، لأنه كان ربيب أبي عليّ الجبائيّ، وهو الذي رباه وعلمه الكلام، وذكر الخطيب أنه كان يجلس أيام الجمعات في حلقة أبي إسحاق المروزيّ الفقيه في جامع المنصور. وعن أبي بكر بن الصيرفيّ: كان المعتزلة قد رفعوا رؤوسهم حتى أظهر الله تعالى الأشعريّ فحجزهم في أقماع السماسم.
وجملة عقيدته أنّ الله تعالى عالم بعلم، قادر بقدرة، حيّ بحياة، مريد بإرادة، متكلم بكلام، سميع يسمع، بصير يبصر، وأن صفاته أزلية قائمة بذاته تعالى، لا يقال هي هو، ولا هي غيره، ولا هي هو، ولا غيره. وعلمه واحد يتعلق بجميع المعلومات، وقدرته واحدة تتعلق بجميع ما يصح وجوده، وإرادته واحدة تتعلق بجميع ما يقبل الاختصاص، وكلامه واحد هو أمر ونهي وخبر واستخبار ووعد ووعيد، وهذه الوجوه راجعة إلى اعتبارات في كلامه، لا إلى نفس الكلام والألفاظ المنزلة على لسان الملائكة إلى الأنبياء، دلالات على الكلام الأزليّ، فالمدلول وهو القرآن المقروء، قديم أزليّ، والدلالة وهي العبارات، وهي القراءة، مخلوقة محدثة. قال: وفرق بين القراء والمقروء، والتلاوة والمتلوّ، كما فرق بين الذكر والمذكور. قال: والكلام معنى قائم بالنفس، والعبارة دالة على ما في النفس، وإنما تسمى العبارة كلاما مجازا. قال وأراد الله تعالى جميع الكائنات خيرها وشرّها، ونفعها وضرّها، ومال في كلامه إلى جواز تكليف ما لا يطاق، لقوله أنّ الاستطاعة مع الفعل، وهو مكلف بالفعل قبله، وهو غير مستطيع قبله على مذهبه. قال وجميع أفعال العباد مخلوقة مبدعة من الله تعالى، مكتسبة للعبد، والكسب عبارة عن الفعل القائم بمحل قدرة العبد. قال: والخالق هو الله تعالى، حقيقة لا يشاركه في الخلق غيره، فأخص وصفه هو القدرة والاختراع، وهذا تفسير اسمه البارئ.
قال وكلّ موجود يصح أن يرى، والله تعالى موجود، فيصح أن يرى، وقد صح السمع بأن المؤمنين يرونه في الدار الأخرى في الكتاب والسنة، ولا يجوز أن يرى في مكان، ولا صورة مقابلة، واتصال شعاع، فإن ذلك كله محال، وماهية الرؤية له فيها رأيان، أحدهما: أنه علم مخصوص يتعلق بالوجود دون العدم، والثاني أنه إدراك وراء العلم، وأثبت السمع والبصر صفتين أزليتين هما إدراكان وراء العلم، وأثبت اليدين والوجه صفات خبرية، ورد السمع بها، فيجب الاعتراف به، وخالف المعتزلة في الوعد والوعيد والسمع والعقل من كل وجه. وقال: الإيمان هو التصديق بالقلب والقول باللسان والعمل بالأركان فروع الإيمان، فمن صدّق بالقلب أي أقرّ بوحدانية الله تعالى واعترف بالرسل تصديقا لهم فيما جاؤا به فهو مؤمن، وصاحب الكبيرة إذا خرج من الدنيا من غير توبة