المعروفة بإجابة الدعاء بمصر، وهي أربعة مواضع: سجن نبيّ الله يوسف الصدّيق عليه السلام، ومسجد موسى صلوات الله عليه، وهو الذي بطرا، ومشهد السيدة نفيسة رضي الله عنها، والمخدع الذي على يسار المصلّى في قبلة مسجد الإقدام بالقرافة. فهذه المواضع لم يزل المصريون ممن أصابته مصيبة أو لحقته فاقة أو جائحة يمضون إلى أحدها، فيدعون الله تعالى فيستجيب لهم، مجرّب ذلك. انتهى.
ويقال أنها حفرت قبرها هذا وقرأت فيه تسعين ومائة ختمة، وأنها لما احتضرت خرجت من الدنيا وقد انتهت في حزبها إلى قوله تعالى: قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ
[الأنعام/ ١٢] ففاضت نفسها رحمها الله تعالى مع قوله الرحمة، ويقال أن الحسن بن زيد والد السيدة نفيسة كان مجاب الدعوة ممدوحا، وأن شخصا وشى به إلى أبي جعفر المنصور أنه يريد الخلافة لنفسه، فإنه كان قد انتهت إليه رياسة بني حسن، فأحضره من المدينة وسلبه ماله، ثم إنه ظهر له كذب الناقل عنه، فمنّ عليه وردّه إلى المدينة مكرّما، فلما قدمها بعث إلى الذي وشى به بهدية ولم يعتبه على ما كان منه. ويقال أنه كان مجاب الدعوة، فمرّت به امرأة وهو في الأبطح، ومعها ابن لها على يدها فاختطفه عقاب، فسألت الحسن بن زيد أن يدعو الله لها بردّه، فرفع يديه إلى السماء ودعا ربه، فإذا بالعقاب قد ألقى الصغير من غير أن يضرّه بشيء، فأخذته أمّه. وكان يعدّ بألف من الكرام.
ولما قدمت السيدة نفيسة إلى مصر مع زوجها إسحاق بن جعفر نزلت بالمنصوصة، وكان بجوارها دار فيها قوم من أهل الذمّة، ولهم ابنة مقعدة لم تمش قط، فلما كان في يوم من الأيام ذهب أهلها في حاجة من حوائجهم وتركوا المقعدة عند السيدة نفيسة، فتوضأت وصبت من فضل وضوئها على الصبية المقعدة وسمت الله تعالى، فقامت تسعى على قدميها ليس بها بأس البتة، فلما قدم أهلها وعاينوها تمشى أتوا إلى السيدة نفيسة وقد تيقنوا أنّ مشي ابنتهم كان ببركة دعائها، وأسلموا بأجمعهم على يديها، فاشتهر ذلك بمصر وعرف أنه من بركاتها. وتوقف النيل عن الزيادة في زمنها فحضر الناس إليها وشكوا إليها ما حصل من توقف النيل، فدفعت قناعها إليهم وقالت لهم: ألقوه في النيل، فألقوه فيه، فزاد حتى بلغ الله به المنافع. وأسر ابن لامرأة ذمّية في بلاد الروم، فأتت إلى السيدة نفيسة وسألتها الدعاء أن يردّ الله ابنها عليها، فلما كان الليل لم تشعر الذمّية إلّا بابنها وقد هجم عليها دارها، فسألته عن خبره فقال: يا أمّاه لم أشعر إلّا ويد قد وقعت على القيد الذي كان في رجليّ وقائل يقول: أطلقوه قد شفعت فيه نفيسة بنت الحسن. فو الذي يحلف به يا أمّاه لقد كسر قيدي وما شعرت بنفسي إلّا وأنا واقف بباب هذه الدار. فلما أصبحت الذمّية أتت إلى السيدة