للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحيث نزلتم ينبت فيه شجر الجنة. فكتب بقوله إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال:

صدق، فاجعلها مقبرة للمسلمين، فقبر فيها ممن عرف من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خمسة نفر، عمرو بن العاص السهميّ، وعبد الله بن حذافة السهميّ، وعبد الله بن جزء الزبيديّ، وأبو بصيرة الغفاريّ، وعقبة بن عامر الجهنيّ. ويقال ومسلمة بن مخلد الأنصاريّ انتهى.

ويقال أن عامرا هو الذي كان أوّل من دفن بالقرافة، قبره الآن تحت حائط مسجد الفتح الشرقيّ. وقالت فيه امرأة من العرب:

قامت بواكيه على قبره ... من لي من بعدك يا عامر

تركتني في الدار ذا غربة ... قد ذلّ من ليس له ناصر

وروى أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس في تاريخ مصر من حديث حرملة بن عمران قال: حدّثني عمير بن أبي مدرك الخولانيّ عن سفيان بن وهب الخولانيّ قال: بينما نحن نسير مع عمرو بن العاص في سفح هذا الجبل ومعنا المقوقس، فقال له عمرو: يا مقوقس ما بال جبلكم هذا أقرع ليس عليه نبات ولا شجر على نحو بلاد الشام؟ فقال: لا أدري، ولكنّ الله أغنى أهله بهذا النيل عن ذلك، ولكنه نجد تحته ما هو خير من ذلك.

قال: وما هو؟ قال ليدفنن تحته أو ليقبرنّ تحته قوم يبعثهم الله يوم القيامة لا حساب عليهم، قال عمرو: اللهمّ اجعلني منهم. قال حرملة بن عمران: فرأيت قبر عمرو بن العاص، وقبر أبي بصيرة، وقبر عقبة بن عامر فيه. وخرّج أبو عيسى الترمذيّ من حديث أبي طيبة عبد الله بن مسلم، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه رفعه: «من مات من أصحابي بأرض بعث قائدا لهم ونورا يوم القيامة» ، وقال القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعيّ: القرافة هم بنو غض بن سيف بن وائل بن المغافر، وفي نسخة بنو غصن. وقال أبو عمرو الكنديّ:

بنو جحض بن سيف بن وائل بن الجيزيّ بن شراحيل بن المغافر بن يغفر. وقيل أن قرافة اسم أمّ عزافر، وجحض ابني سيف بن وائل بن الجيزيّ. قد صحف القضاعيّ في قوله غصن بالغين المعجمة، والأقرب ما قاله الكنديّ، لأنه أقعد بذلك. وقال ياقوت والقرافة- بفتح القاف وراء مخففة وألف خفيفة وفاء- الأوّل مقبرة بمصر مشهورة مسماة بقبيلة من المغافر يقال لهم بنو قرافة، الثاني القرافة محلة بالإسكندرية منسوبة إلى القبيلة أيضا. وقال الشريف محمد بن أسعد الجوانيّ في كتاب النقط: وقد ذكر جامع القرافة الذي يقال له اليوم جامع الأولياء، وكان جماعة من الرؤساء يلزمون النوم بهذا الجامع ويجلسون في ليالي الصيف يتحدّثون في القمر، في صحنه، وفي الشتاء ينامون عند المنبر، وكان يحصل لقيمه الأشربة والحلوى والجرايات، وكان الناس يحبون هذا الموضع ويلزمونه لأجل من يحضر من الرؤساء، وكانت الطفيلية يلزمون المبيت فيه ليالي الجمع، وكذلك أكثر المساجد التي بالقرافة والجبل والمشاهد لأجل ما يحمل إليها ويعمل فيها من الحلاوات واللحومات والأطعمة، وقال موسى بن محمد بن سعيد في كتاب المعرب عن أخبار المغرب: وبت

<<  <  ج: ص:  >  >>