القبائل والبطون: سريع فخذ من الأشعريين، هم ولد سريع بن ماتع من بني الأشعر بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وهم رهط أبي قبيل التابعيّ، الذي خطته اليوم الكوم، شرقيّ قناطر سقاية أحمد بن طولون، المعروفة بعفصة الكبيرة بالقرافة.
الخندق: هذا الخندق كان بقرافة مصر، قد دثر، وعلى شفيره الغربيّ قبر الإمام الشافعيّ رضي الله عنه، وكان من النيل إلى الجبل، حفر مرّتين، مرّة في زمن مروان بن الحكم، ومرّة في خلافة الأمين محمد بن هارون الرشيد. ثم حفره أيضا القائد جوهر. قال القضاعيّ: الخندق هو الخندق الذي في شرقيّ الفسطاط في المقابر، كان الذي أثار حفره مسير مروان بن الحكم إلى مصر، وذلك في سنة خمس وستين، وعلى مصر يومئذ عبد الرحمن بن عقبة بن جحدم الفهريّ، من قبل عبد الله بن الزبير رضي الله عنه. فلما بلغه مسير مروان إلى مصر أعدّ واستعدّ وشاور الجند في أمره، فأشاروا عليه بحفر الخندق، والذي أشار به عليه ربيعة بن حبيش الصدفيّ، فأمر ابن جحدم بإحضار المحاريث من الكور لحفر الخندق على الفسطاط، فلم تبق قرية من قرى مصر إلا حضر من أهلها النفر، وكان ابتداء حفره غرّة المحرّم سنة خمس وستين، فما كان شيء أسرع من فراغهم منه، حفروه في شهر واحد. وكانت الحرب من ورائه يغدون إليها ويروحون، فسميت تلك الأيام أيام الخندق والتراويح، لرواحهم إلى القتال، وكانت المغافر أكثر قبائل أهل مصر عددا، كانوا عشرين ألفا، ونزل مروان عين شمس لعشر خلون من شهر ربيع الآخر سنة خمس وستين، في اثني عشر ألفا، وقيل في عشرين ألفا، فخرج أهل مصر إلى مروان فحاربوه يوما واحدا بعين شمس، ثم تحاجزوا ورجع أهل مصر إلى خندقهم فتحصنوا به، وصحبتهم جيوش مروان على باب الخندق، فاصطف أهل مصر على الخندق، فكانوا يخرجون إلى أصحاب مروان فيقاتلونهم نوبا نوبا، وأقاموا على ذلك عشرة أيام ومروان مقيم بعين شمس، وكتب مروان إلى شيعته من أهل مصر، كريب بن أبرهة بن الصباح الحميريّ، وزياد بن حناطة التجيبيّ، وعابس بن سعيد المراديّ يقول: إنكم ضمنتم لي ضمانا لم تقوموا به، وقد طالت الأيام والممانعة، فقام كريب وزياد وعابس إلى ابن جحدم فقالوا له: أيّها الأمير إنه لا قوام لنا بما ترى، وقد رأينا أن نسعى في الصلح بينك وبين مروان وقد مل الناس الحرب وكرهوها، وقد خفنا أن يسلمك الناس إلى مروان فيكون محكما فيك، فقال: ومن لي بذلك؟ فقال كريب:
أنا لك به، فسعى كريب وصاحبناه في الصلح على أمان كتبه مروان لأهل مصر وغيرهم ممن شرب ماء النيل، وعلى أن يسلم لابن جحدم من بيت المال عشرة آلاف دينار، وثلاثمائة ثوب بقطرية، ومائة ريطة، وعشرة أفراس، وعشرين بغلا، وخمسين بعيرا. فتم الصلح على ذلك، ودخل مروان الفسطاط مستهل جمادى الأولى سنة خمس وستين، فنزل دار الفلفل ودفع إلى ابن جحدم جميع ما صالحه عليه، وسار ابن جحدم إلى الحجاز ولم يلق كلّ واحد