الجبل وفيه عدّه مغاير وهو على اسم السيدة مريم، وبمقروفة نصارى كثيرة غنامة ورعاة أكثرهم همج، وفيهم قليل من يقرأ ويكتب، وهو دير معطش.
دير بومغام: خارج طما وأهلها نصارى وكانوا قديما أهل علم.
دير بوشنوده: ويعرف بالدير الأبيض، وهو غربيّ ناحية سوهاي وبناؤه بالحجر وقد خرب ولم يبق منه إلا كنيسته، ويقال إن مساحته أربعة فدادين ونصف وربع، والباقي منه نحو فدّان وهو دير قديم.
الدير الأحمر: ويعرف بدير أبي بشاي، وهو بحريّ الدير الأبيض بينهما نحو ثلاث ساعات، وهو دير لطيف مبنيّ بالطوب الأحمر، وأبو بشاي هذا من الرهبان المعاصرين لشنوده، وهو تلميذه، وصار من تحت يده ثلاث آلاف راهب، وله دير آخر في برّية شبهات.
دير أبي ميساس: ويقال أبو ميسيس، واسمه موسى، وهذا الدير تحت البلينا وهو دير كبير. وأبو ميسيس هذا كان راهبا من أهل البلينا وله عندهم شهرة، وهم ينذرونه ويزعمون فيه مزاعم، ولم يبق بعد هذا الدير إلا أديرة بحاجر اسنا ونقادة قليلة العمارة، وكان بأصفون دير كبير وكانت أصفون من أحسن بلاد مصر وأكثر نواحي الصعيد فواكه، وكان رهبان ديرها معروفين بالعلم والمهارة، فخربت أصفون وخرب ديرها. وهذا آخر أديرة الصعيد وهي كلها يحمل متلاشية آئلة إلى الدثور بعد كثرة عمارتها ووفور أعداد رهبانها وسعة أرزاقهم، وكثرة ما كان يحمل إليهم.
وأما
الوجه البحري: فكان فيه أديرة كثيرة خربت وبقي منها بقية، فكان بالمقس خارج القاهرة من بحريها عدّة كنائس هدمها الحاكم بأمر الله أبو عليّ منصور في تاسع عشر ذي الحجة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة وأباح ما كان فيها، فنهب منها شيء كثير جدّا بعد ما أمر في شهر ربيع الأوّل منها بهدم كنائس راشدة خارج مدينة مصر من شرقيها، وجعل موضعها الجامع المعروف براشدة، وهدم أيضا في سنة أربع وتسعين كنيستين هناك، وألزم النصارى بلبس السواد وشدّ الزنار، وقبض على الأملاك التي كانت محبسة على الكنائس والأديرة وجعلها في ديوان السلطان، وأحرق عدّة كثيرة من الصلبان، ومنع النصارى من إظهار زينة الكنائس في عيد الشعانين، وتشدّد عليهم وضرب جماعة منهم، وكانت بالروضة كنيسة بجوار المقياس فهدمها السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب في سنة ثمان وثلاثين وستمائة، وكان في ناحية أبي النمرس من الجيزة كنيسة قام في هدمها رجل من الزيالعة، لأنه سمع أصوات النواقيس يجهر بها في ليلة الجمعة بهذه الكنيسة، فلم يتمكن من ذلك في أيام الأشرف شعبان بن حسين لتمكن الأقباط في الدولة، فقام في ذلك مع الأمير الكبير برقوق، وهو يومئذ القائم بتدبير الدولة، حتى هدمها على يد القاضي جمال الدين محمود