وأما الملكية فلهم بالقاهرة كنيسة ماري نقولا بالبندقانيين، وبمصر كنيسة غبريال الملاك بخط قصر الشمع، وبها قلاية لبطركهم، وكنيسة السيدة بقصر الشمع أيضا، وكنيسة الملاك ميخائيل بجوار بربارة بمصر، وكنيسة مار يوحنا بخط دير الطين، والله أعلم.
وهذا أخر الجزء الثاني وبتمامه تم الكتاب والحمد لله وحده وصلّى الله على من لا نبيّ بعده وسلّم ورضي الله عن أصحاب رسول الله أجمعين وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا عدوان إلّا على الظالمين.
قول المستعين بربه القويّ، محمد ابن المرحوم الشيخ عبد الرحمن قطة العدوي، مصحح دار الطباعة المصرية، بلغه الله من الخير كلّ أمنية: إن من جملة المحاسن الممدوحة بكلّ لسان، وأحاسن الآثار الغنيّ فضلها عن البيان، التي ظهرت في أيام صاحب العز والإقبال، من طبع على المرحمة والعدالة في الأقوال والأفعال، واختص بحسن التبصر وسداد النظر، ورعاية المصالح العامّة لأهل البدو والحضر، ووهب من صفات الكمال وكمال الصفات، ما تقصر دون تعداده العبارات والإشارات، من هو الفرقد الثاني، في أفق الصدارة العثمانيّ، عزيز الديار المصرية، ذي المناقب الفاخرة السنية، حضرة أفندينا الحاج عباس باشا، لا زال بصولة عدله جيش المظالم يتلاشى، ولا برح قرير العين بأنجاله، محفوظ الجناب نافذ القول في حاله واستقباله، ولا فتيء لواء عزه منشورا، ولا انفك سعيه مشكورا، طبع كتاب الخطط للعلامة المقريزيّ الشهير، المجمع على فضله وعموم نفعه بلا نكير، كيف لا وقد جمع من تخطيط الحكومة المصرية، وما يتعلق بها من الموادّ الجغرافية والتاريخية، وذكر أصناف أهلها وولاتها، وما عرض لها من تقلبات الأزمان وتغيراتها، وما تضمنته من الأخلاق والعوائد، الصحيح منها والفاسد، وما توارد عليها من الدول والحكومات، واختلاف الملل والديانات، وغير ذلك من الفوائد، وصحيح الأدلة والشواهد، وعجائب الأخبار، وغرائب الآثار، ما يغني الحاذق اللبيب، ويكفي الماهر الأريب، ويعتبر به المعتبرون، ويتفكه به المتآمرون، بل هو النديم الذي لا يمل، والأنيس الذي في استصحابه تهون الكرائم وتبذل، بيد أنه يتحفك من تاريخ مصر بأظرف تحفه، ويمنحك من طريف جغرافيتها وتليدها ألطف طرقه، ويسكنك من قصور أنبائها على غرفه، وينشقك من زهر روض أخبارها شميمه وعرفه، غير أنه لما كان فنّ التاريخ مع جليل نفعه، وجزيل فائدته عند أرباب المعارف وعظيم وقعه، قد رميت سوقه في هذه الأزمان بالكساد، وتقاصرت عنه الهمم من كل حاضر وباد، كان هذا الكتاب مما خيمت عليه عناكب النسيان، وعزت نسخه في ديارنا حتى كاد لا يعثر بها إنسان، فإنها فيها قليلة محصورة، متروكة الاستعمال مهجورة، فكانت مع قلتها عارية عن صحتها، فكم فيها من تحريف فاحش وسقط متفاحش، وغلط مخل، وخطا مضجر وممل، ويفضي بالقاري إلى الملل، ويعوّضه