عن النشاط الكسل، لكن بحمد الله وعونه، وعظيم فضله ومنه، وبذل المجهود في التصحيح، واستفراغ الوسع في التحرير والتنقيح، جاءت النسخة المطبوعة صحيحة حسب الإمكان، جديرة بأن تحل محل القبول والاستحسان، فإنّ ما كان من عباراته بالتحريف سقيما، ولم يفهم معنى مستقيما، أجلت فيه ذهني مع قصوره، وكلفته التسلق على قصوره، فإن فتح له باب الرشاد، وألهم المعنى المراد، حمدت ربي، حيث نلت أربي، وإن كانت الأخرى، وكبا زند الفهم وما أورى، نبهت على وجه التوقف في الحاشية بالعبارة، أو رقمت فيها رقما هنديا ليكون إلى التوقف إشارة، وربما أشرت إلى الصواب، لكن على سبيل الرجاء في الاستصواب، وربما مرّ بك تعداد بعض أشياء يشم منها مخالفة العربية، وتفصيل أمور تأباه بحسب الظاهر القواعد النحوية، وعذرنا في ذلك، أن المؤلف تقلها كذلك، عمن نقلها عن جريدة حساب، وأثبتها على ما هي عليه في تقييدات الكتاب، فأبقيناها على حالها، ولم ننسجها على غير منوالها، حرصا على عدم التغيير في عبارات المؤلفين، حسبما نص عليه أئمة الدين، لا سيما والمعنى معه ظاهر، لا يخفى على السامع والناظر، ثم إنه لبعض الأسباب، فاتني تصحيح نحو اثنتين وعشرين ملزمة من أوّل الجزء الأوّل، ومثلها من أوّل الثاني من هذا الكتاب، لكن إن شاء الله تعالى يحصل الاطلاع عليها، والنظر بعين التأمل إليها، فإن عثر فيها على ما يلزم التنبيه عليه، والإشارة إليه، نبهت عليه وأثبت ما يخص كلّ جزء بلصقه، ليكون كلّ منهما مستوفيا لحقه، هذا وكأني بمتشقشق متشدّق، يعجل ببذاءة اللسان ولا يحقق، قد استولى عليه الحسد فأعمى بصيرته، ورفع بالذمّ والتشنيع عقيرته، قائلا ما لا يليق إلا به، مذيعا ما هو أولى به، وما درى الجهول أن فنّ التصحيح خطر دقيق، وصاحبه بضدّ ما تبجح به جدير حقيق، ولو ذاق لعرف، وبالعجز أقرّ واعترف، وبالجملة فذمّه يشهد لي بالكمال، أخذا بقول من قول:
وإذا أتتك مذمّتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني كامل
على أني والله معترف بقلة البضاعة، وعدم الأهلية لهذه الصناعة، ولكنما هي إقامات، وإنما الأعمال بالنيات.
وأفوّض أمري إلى اللطيف الخبير، فإنه نعم المولى ونعم النصير، وكان طبع هذا الكتاب بدار الطباعة المصرية، المنشأة ببولاق القاهرة المعزية، لا زالت بأنفاس الحضرة الآصفية، منبعا لنشر الكتب النافعة العلمية، تحت ملاحظة صاحب نظارتها، القائم بتدبيرها وإدارتها، رب القلم الذي لا يبارى، والإنشاء الذي لا يجارى، من أحرز قصب السبق في ميدان البراعة، وانقاد له كلّ معنى أبيّ وأطاعه، حضرة عليّ أفندي جودة، بلغه الله في الدارين مأموله وقصده، وكان طبعه على ذمة ملتزمة، المتسبب بعد الطيّ في نشر علمه، واشتهاره في الأقطار، واستعماله عند أهل القرى والأمصار، الباذل في ذلك نفائس الكرائم،