للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتب عمر رضي الله عنه إلى عثمان بن حنيف مع جرير بن عبد الله البجلي: أما بعد، فأقطع جرير بن عبد الله قدر ما يقوّته ولا وكس ولا شطط، فكتب عثمان إلى عمر: إن جريرا قدم عليّ بكتاب منك نقطعه ما يقوّته، فكرهت أن أمضي ذلك حتى أراجعك فيه، فكتب إليه صدق جرير، فأنفذ ذلك، وقد أحسنت في مؤامرتي، وأقطع أبو موسى الأشعريّ، وأقطع عليّ بن أبي طالب رحبة كردوس بن هاني، وأقطع سويد بن غفلة الجعفي.

قال سيف عن ثابت بن هزيمة عن سويد بن غفلة قال: استقطت عليا، فقال: اكتب هذا ما أقطع عليّ سويدا أرضا لدوابه ما بين كذا إلى كذا ما شاء الله، وذكر أبو القسم، عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم ما أقطعه معاوية بن أبي سفيان ومن بعده من الخلفاء من دور مصر، فأورد شيئا كثيرا.

وقد كان خلفاء بني أمية وخلفاء بني العباس يقطعون الأراضي من أرض مصر، النفر من خواصهم لا كما هو الحال اليوم، بل يكون مال خراج أرض مصر يصرف منه أعطية الجند، وسائر الكلف، ويحمل ما يفضل إلى بيت المال، وما أقطع من الأراضي فإنه بيد من أقطعه. وأما منذ كانت أيام السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب إلى يومنا هذا. فإن أراضي مصر كلها صارت تقطع للسلطان وأمرائه وأجناده.

وأرض مصر اليوم على سبعة أقسام: قسم يجري في ديوان السلطان، وهذا القسم ثلاثة أقسام، منه ما يجري في الديوان الخاص، ومنه ما يجري في الديوان المفرد، وقسم من أراضي مصر قد أقطع الأمراء والأجناد، وقد ذكر تفصيل ذلك عند ذكر الروك الناصري، وقسم ثالث جعل وقفا محبسا على الجوامع والمدارس والخوانك «١» ، وعلى جهات البرّ، وعلى ذراري واقفي تلك الأراضي وعتقائهم، وقسم رابع يقال له: الأحباس يجري فيه أراض بأيدي قوم يأكلونها. إما عن قيامهم بمصالح مسجد أو جامع، وإما يكون لهم لا في مقابلة عمل، وقسم خامس قد صار ملكا يباع ويشتري ويورث ويوهب لكونه اشترى من بيت المال، وقسم سادس لا يزرع للعجز عن زراعته فترعاه المواشي أو ينبت الحطب ونحوه، وقسم سابع لا يشمله ماء النيل، فهو قفر وهذا القسم منه ما لم يزل كذلك منذ عرفت أحوال الخليقة، ومنه ما كان عامرا في الدهر الأوّل ثم خرب، وسائر هذه الأقسام مذكورة أخبارها في هذا الكتاب تجدها إن أنت تأمّلته إن شاء الله تعالى.

وقال أبو عبد الله «٢» القاسم بن سلام في كتاب الأموال في الكلام على حديث معمر

<<  <  ج: ص:  >  >>