عن عبد الله بن طاوس عن أبيه طاوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عادي الأرض لله ولرسوله ثم هي لكم» . قلت: ما معنى ذلك؟ قال: تكون إقطاعا، هذا الخبر أصل في الإقطاع والعادي كل أرض كان لها سكان فانقرضوا، أي صارت خرابا فإن حكمها إلى الإمام قال:
وأما الأرض التي جعلها النبيّ صلى الله عليه وسلم لبعض الناس وهي عامرة لها أهل فإعطاء الإمام يكون على وجه النفل، ومن ذلك ما أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم تميما الداري، فإنه أعطاه أرضا بالشام من قبل أن يفتح الشام، وقبل أن يملكها المسلمون، فجعلها له نفلا من أموال أهل الحرب إذا ظهر عليهم، كما فعل نائبه، نفيلة، لما وهبها الشيباني قبل افتتاح الحيرة، فأمضاها له خالد بن الوليد رضي الله عنه، وكذلك أمضى عمر بن الخطاب رضي الله عنه لتميم الداري لما فتحت فلسطين، ما كان النبيّ صلى الله عليه وسلم نفله، انتهى.
فقد خرّج أبو عبد الله، هذه العطية المعلقة مخرج النفل الذي ينفله الإمام بعض المقاتلة.
وقال أبو الحسن عليّ بن محمد بن حبيب الماوردي «١» في الأحكام السلطانية:
والإقطاع ضربان: إقطاع استغلال، وإقطاع تمليك. والثاني ينقسم إلى موات وعامر، والثاني ضربان: أحدهما: ما يتعين مالكه ولا نظر للسلطان فيه إلا بتلك الأرض في حق لبيت المال إذا كانت في دار الإسلام فإن كانت في دار الحرب حيث لم يثبت للمسلمين عليها يد، فأراد الإمام أن يقطعها ليملكها المقطع عند الظفر بها، فإنه يجوز فقد سأل تميم الداري، رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطيه عيون البلد الذي كان منه قبل أن يفتح الشام ففعل، وسأله أبو ثعلبة الخشني أن يقطعه أرضا كانت بيد الروم فأعجبه ذلك وقال: ألا تسمعون ما يقول هذا؟
فقال: والذي بعثك بالحق ليفتحنّ عليك، فكتب له بذلك كتابا.
قال الماورديّ: وهكذا لو استوهب أحد من الإمام مالا في دار الحرب وهو على ملك أهلها أو استوهبه شيئا من سبيها أو ذراريها ليكون أحق به إذا فتحت جاز وصحت العطية منه مع الجهالة بها لتعلقها بالأمور العامة.
وقد روي الشعبيّ: أن خزيمة بن أوس الطائيّ، قال للنبيّ صلى الله عليه وسلم: إن افتح الله عليك الحيرة فأعطني بنت نفيلة، فلما أراد خالد صلح أهل الحيرة قال له خزيمة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني بنت نفيلة، فلا تدخلها في صلحك، فشهد له بشر بن سعد، ومحمد بن مسلمة، فاستثناها من الصلح ودفعها إلى خزيمة، فاشتريت بألف درهم، وكانت عجزت وحالت عما عهد منها، فقيل له: قد أرخصتها وكان أهلها يدفعون لك أضعاف ما سألت، فقال: ما كنت أظنّ أن عددا يكون أكثر من ألف.