الكتاب الأوّل، ترجمه له أخوان من القبط يقال لأحدهما: ايلو، والآخر: يرثا، وإن الملك فيلبس سألهما عن سبب معرفتهما بما جهله الناس من قراءته، فذكرا أنهما من ولد رجل من أهل مصر الأوائل لم ينج من الطوفان من أهل مصر أحد غيره، وكان سبب نجاته أنه أتى نوحا عليه السلام فآمن به، ولم يأته من أهل مصر غيره، فحمله معه في السفينة، فلما نضب ماء الطوفان أتى مصر، ومعه نفر من ولد حام بن نوح، وكان بها حتى هلك، فورث ولده علم كتاب أهل مصر الأوّل، فورثناه عنه كابرا عن كابر.
وكان تاريخه الذي مضى إلى أن استنسخه فيلبش، ألفا وثلثمائة واثنتين وسبعين سنة، وإنّ الذي استنسخه في صحيفة من ذهب فرق كتابتها حرفا حرفا على ما وجده فيلبش، وإن تاريخه إلى أن استنسخه ألف وسبعمائة سنة وخمس وثمانون سنة.
وكان الكتاب المنسوخ: إنا نظرنا فيما تدل عليه النجوم، فرأينا أن آفة نازلة من السماء وخارجة من الأرض، فلما بان لنا الكون نظرنا ما هو فوجدناه ماء مفسدا للأرض وحيوانها ونباتها، فلما تمّ اليقين من ذلك عندنا قلنا لملكنا سوريد بن سهلوق: مر ببناء أفروشات وقبر لك وقبر لأهل بيتك، فبنى لهم الهرم الشرقيّ، وبنى لأخيه هو حيث الهرم الغربيّ، وبنى لابن هو حيث الهرم الملوّن، وبنيت أفروشات في أسفل مصر، وأعلاها فكتبنا في حيطانها علم غامض أمر النجوم وعللها والصنعة والهندسة والطلب، وغير ذلك مما ينفع ويضرّ ملخصا مفسرا لمن عرف كلامنا وكتابتنا، وإن هذه الآفة نازلة بأقطار العالم، وذلك عند نزول قلب الأسد في أوّل دقيقة من رأس السرطان، ويكون الكوكب عند نزوله إياها في هذه المواضع من الفلك الشمس والقمر في أوّل دقيقة من رأس الحمل، وقوريس في درجة وثمان وعشرين دقيقة من الحمل، وراويس في الحوت في تسع وعشرين درجة وثمان وعشرين دقيقة، وآويس في الحوت في تسع وعشرين درجة وثلاث دقائق، وأفرد وبطر في الحوت في ثمان وعشرين درجة ودقائق، وهرمس في الحوت في سبع وعشرين ودقائق، والجوزهر في الميزان وأوج القمر في الأسد في خمس درجات ودقائق.
ثم نظرنا هل يكون بعد هذه الآفة كون مضرّ بالعالم؟ فأصبنا الكواكب تدل على أن آفة نازلة من السماء إلى الأرض وإنها ضدّ الآفة الأولى وهي نار محرقة أقطار العالم، ثم نظرنا متى يكون هذا الكون المضر؟ فرأيناه يكون، عند حلول قلب الأسد في آخر دقيقة من الدرجة الخامسة عشر من الأسد، ويكون إبليس معه في دقيقة واحدة متصلة بقوريس من تثليث الرامي، ويكون راويس مشتري في أوّل الأسد في آخر احتراقه، ومعه آويس في دقيقة، ويكون سليس في الدلو مقابلا لإيليس الشمس، ومعه الذنب في اثنتين وعشرين، ويكون كسوف شديد له مكث يوازي القمر، ويكون هرمس عطارد في بعده الأبعد أمامها مقبلين، أما إفرد وبطن فللاستقامة، وأما هرمس فللرجعة.