قال الملك: فهل عندكم من خبر توقفونا عليه غير هاتين الآفتين؟ قالوا: إذا قطع قلب الأسد ثلثي سدس أدواره لم يبق من حيوان الأرض متحرّك إلا تلف، فإذا استتم أدواره تحللت عقد الفلك، وسقط على الأرض، قال لهم: وأيّ يوم فيه انحلال الفلك؟ قالوا:
اليوم الثاني من بدو حركة الفلك، فهذا ما كان في القرطاس.
فلما مات الملك سوريد بن سهلوق دفن في الهرم الشرقيّ، ودفن هو حيث في الهرم الغربيّ، ودفن كرورس في الهرم الذي أسفله من حجارة أسوان وأعلاه كدان.
ولهذه الأهرام أبواب في أزج تحت الأرض طول كل أزج مائة وخمسون ذراعا.
فأما باب الهرم الشرقيّ فمن الناحية البحرية، وأما باب أزج الهرم الموزر فمن الناحية القبلية.
وفي الأهرام من الذهب وحجارة الزمرد ما لا يحتمله الوصف.
وإنّ مترجم هذا الكتاب من القبطيّ إلى العربيّ أجمل التاريخين إلى أوّل يوم من توت، وهو يوم الأحد طلوع شمسه سنة خمس وعشرين ومائتين من سني العرب، فبلغت أربعة آلاف وثلثمائة وإحدى وعشرين سنة لسني الشمس، ثم نظر كم مضى للطوفان إلى يومه هذا فوجده ألفا وسبعمائة وإحدى وأربعين سنة وتسعة وخمسين يوما وثلاث عشرة ساعة وأربعة أخماس ساعة وتسعة وخمسين جزءا من أربعمائة جزء من ساعة، فألقاها من الجملة فبقي معه ثلثمائة وتسع وتسعون سنة ومائتان وخمسة أيام وعشر ساعات وأحد وعشرون جزءا من أربعمائة جزء من ساعة، فعلم أن هذا الكتاب المؤرخ كتب قبل الطوفان بهذه السنين والأيام والساعات والكسر من الساعة.
وأما الهرم الذي بدير أبي هرميس، فإنه قبر قرياس، وكان فارس أهل مصر، وكان يعدّ بألف فارس، فإذا لقيهم لم يقوموا به وانهزموا، وإنه مات فجزع الملك عليه جزعا بلغ منه، واكتأبت لموته الرعية، فدفنوه بدير هرميس وبنوا عليه الهرم مدرجا، وكان طينه الذي بني به مع الحجارة من الفيوم، وهذا معروف إذا نظر إلى طينه لم يعرف له معدن إلا بالفيوم وليس بمنف ووسيم له شبه من الطين.
وأما قبر الملك صاحب قرياس هذا، فإنه الهرم الكبير من الأهرام التي في بحري دير أبي هرميس، وعلى بابه لوح كدان مكتوب فيه باللازورد طول اللوح: ذراعان في ذراع وكله مملوء كتبا مثل كتب البرابي يصعد إلى باب الهرم بدرج بعضها صحيح لم ينخرم، وفي هذا الهرم ذخائر صاحبه من الذهب وحجارة الزمرد، وإنما سدّ بابه حجارة سقطت من أعاليه ومن وقف عليه رآه بيتا.