ويقال: إن أتريب «١» بن قبط بن مصر بن بيصر بن حام بن نوح أوصى أخاه صا «٢» ، عند موته، أن يحمله في سفينة ويدفنه بجزيرة في وسط البحر، فلما مات، فعل ذلك من غير أن يعلم به أهل مصر فاتهمه الناس بقتل أتريب، وحاربوه تسع سنين، فلما مضى من حربهم خمس سنين مضى بهم حتى أوقفهم على قبر أتريب، فحفروه فلم يجدوا به شيئا، وقد نقلته الشياطين إلى موضع أبي الهول، ودفنته هناك بجانب قبر أبيه وجدّه بيصر، فازدادوا له تهمة وعادوا إلى مدينة منف وتحاربوا فأتاهم إبليس، فدلهم على قبر أتريب حيث نقله، فأخرجوه من قبره، ووضعوه على سرير، فتكلم لهم الشيطان على لسانه حتى افتتنوا به وسجدوا له وعبدوه، فيما عبدوا من الأصنام، وقتلوا صا، ودفنوه على شاطىء النيل فكان النيل إذا زاد لا يعلو قبره، فافتتن به طائفة، وقال: قتل ظلما وصاروا يسجدون لقبره كما يسجد أولئك لأتريب، فعمد آخرون إلى حجر فنحتوه على صورة أشموم، وكان يقال له: أبو الهول، ونصبوه بين الهرمين، وجعلوا يسجدون له، فصار أهل مصر ثلاث فرق ولم تزل الصابئة تعظم أبا الهول وتقرّب إليه الديكة البيض وتبخره بالصندروس.