يوسف، هو: جدّ فرعون موسى أبو أبيه، واسمه: برخو، وكان عظيم الخليق جميل الوجه عاقلا، فوعد الناس الجميل، وأسقط عنهم الخراج لثلاث سنين وفرّق المال فيهم.
وملك رجلا من أهل بيته يقال له: أطفين، وهو الذي يقال له: العزيز، وكان عاقلا أديبا مستعملا للعدل والعمارة، فأمر أن ينصب له سرير من فضة في قصر الملك يجلس عليه، ويخرج وجميع الكتاب والوزراء بين يديه، فكفى نهراوش ما خلف ستره، وقام بجميع أموره وخلاه للذاته، فأقام على قصفه مدّة والبلد عامر، فقصده رجل من العمالقة، وسار إلى مصر في جيوشه، فخرج إليه وقاتله وهزمه، وسار خلفه، ودخل الشام وعاث هنالك، فهابته الملوك ولاطفته.
وقيل: إنه بلغ الموصل، وضرب على أهل الشام خراجا وخرج لغزو بلاد المغرب في تسعمائة ألف، ومرّ بأرض البربر، وجلا كثيرا منهم، ومرّ إلى البحر الأخضر، وسار إلى الجنوب، فقدم النوبة وعاد إلى مدينة منف، وكان من خبر يوسف معه ما ذكر عند ذكر الفيوم.
وملك بعده ابنه دريموش «١» : ويقال: له دارم بن الريان، وهو الفرعون الرابع، فخالف سنة أبيه، وكان يوسف خليفته، فيقبل منه تارة، ويخالفه تارة، وظهر في أيامه معدن فضة فأثار منه شيئا عظيما.
وفي أيامه مات يوسف عليه السلام، فاستوزر بعده رجلا حمله على أذى الناس، وأخذ أموالهم، فبلغ ذلك منهم مبلغا عظيما، ثم زاد في التجرّي حتى اقتلع كل امرأة جميلة بمدينة منف من أهلها، فكان لا يسمع بامرأة حسناء في موضع إلا وجّه إليها، فحملت إليه فاضطرب الناس وشنعوا عليه وعطلوا الصنائع والأعمال والأسواق، فعدا عليهم، وقتل منهم مقتلة عظيمة، وزاد الأمر حتى اجتمعوا على خلعه، فبرز لهم وأسقط عنهم خراج ثلاث سنين، وأنفق فيهم مالا فسكتوا، وفي أيامه ثار القبط على بني إسرائيل وطلبوا من الوزير، أن يخرجهم من مصر، فما زال بهم حتى أمسكوا، وبلغ الملك ذلك، وكان قد خرج إلى الصعيد فتوعد أهل مصر، فشغبوا عليه وحشدوا له، فحاربوه فقتل منهم خلقا كثيرا، وظفر بمن بقي، فقتلهم وصلبهم على حافتي النيل، وعاد إلى أعظم ما كان عليه من أخذ الأموال والنساء، واستخدام أشراف القبط وبني إسرائيل، فأجمع الكل على ذمّه، فركب النيل للنزهة، وثار به ريح عاصف، فغرق، فلم يوجد إلا بناحية شطنوف، وقيل: فيما بين طرا وحلوان.
فقدّم الوزير ابنه معاديوس: وكان صبيا، ويقال له: معدان، فأسقط عن الناس