أنا برجال من أهل الكتاب معهم مصاحف أو كتب فقالوا: استأذن لنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانصرفت إليه، فأخبرته بمكانهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما لي ولهم يسألوني عما لا أدري إنما أنا عبد لا أعلم إلا ما علمني ربي» . ثم قال:«أبلغني وضوءا» فتوضأ، ثم قام إلى مسجد بيته، فركع ركعتين، فلم ينصرف حتى عرفت السرور في وجهه والبشر، ثم انصرف فقال: أدخلهم ومن وجدت بالباب من أصحابي، فأدخله قال: فأدخلتهم فلما وقفوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: «إن شئتم أخبرتكم عما أردتم أن تسألوني قبل أن تتكلموا وإن أحببتم تكلمتم، وأخبرتكم» ، قالوا: بلى، أخبرنا قبل أن نتكلم، قال:«أحببتم أن تسألوني عن ذي القرنين، وسأخبركم عما تجدونه مكتوبا عندكم إن أول أمره إنه غلام من الروم أعطي ملكا، فسار حتى أتى ساحل البحر من أرض مصر، فابتنى عنده مدينة يقال لها:
الإسكندرية، فلما فرغ من بنائها أتاه ملك، فعرج به حتى استقله فرفعه فقال: انظر ما تحتك، فقال: أرى مدينتي، وأرى مدائن معها، ثم عرج به، فقال: انظر! فقال: قد اختلطت مدينتي مع المدائن، فلا أعرفها، ثم زاد، فقال: انظر! فقال: أرى مدينتي وحدها ولا أرى غيرها، قال له الملك: إنما تلك الأرض كلها والذي ترى يحيط بها هو البحر، وإنما أراد بك أن يريك الأرض، وقد جعلك لك سلطانا فيها سوف يعلم الجاهل، ويثبت العالم، فسار حتى بلغ مغرب الشمس، ثم سار حتى بلغ مطلع الشمس، ثم أتى السدّين وهما جبلان لينان يزلق عنهما كل شيء فبنى السدّ، ثم جاز يأجوج ومأجوج فوجد قوما وجوههم وجوه الكلاب يقاتلون يأجوج ومأجوج، ثم قطعهم فوجد أمّه قصارا يقاتلون القوم الذين وجوههم وجوه الكلاب، ووجد أمّة من الغرانيق يقاتلون القوم القصار، ثم مضى فوجد أمّة من الحيات تلتقم الحية منها الصخرة العظيمة، ثم أفضى إلى البحر المدير بالأرض فقالوا: نشهد أن أمره هكذا كما ذكرت وإنا نجده هكذا في كتابنا» «١» .
وعن خالد بن معدان الكلاعيّ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ذي القرنين فقال: «ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب» .
قال خالد: وسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا يقول: يا ذا القرنين، فقال:
اللهم غفرا أما رضيتم أن تسموا بالأنبياء حتى تسميتم بالملائكة.
وقال قتادة، عن الحسن: كان ذو القرنين ملكا وكان رجلا صالحا، قال: وإنما سمي ذا القرنين لأنّ عليا رضي الله عنه سئل عن ذي القرنين، فقال: لم يكن ملكا ولا نبيا ولكن كان عبدا صالحا أحب الله فأحبه ونصح لله فنصحه الله بعثه الله عز وجل إلى قومه فضربوه على قرنيه فمات، فسمي ذا القرنين، ويقال: إنما سمي ذا القرنين لأنه