ويقال: إنما سمي ذا القرنين لأنه كان له غديرتان من شعر رأسه يطأ فيهما، وقيل: بل كان له قرنان صغيران تواريهما العمامة.
وعن ابن شهاب: إنما سمي ذا القرنين لأنه بلغ قرن الشمس من مغربها وقرن الشمس من مشرقها.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: كان أوّل شأن الإسكندرية أنّ فرعون اتخذ بها مصانع ومجالس، وكان أوّل من عمرها وبنى فيها، فلم تزل على بنائه ومصانعه، ثم تداولها ملوك مصر بعده فبنت دلوكة بنت زبا منارة الإسكندرية ومنارة بوقير بعد فرعون، فلما ظهر سليمان بن داود عليهما السلام على الأرض اتخذ بها مجلسا، وبنى فيها مسجدا، ثم إن ذا القرنين ملكها، فهدم ما كان من بناء الملوك والفراعنة، وغيرهم إلا بناء سليمان لم يهدمه، ولم يغيره، وأصلح ما كان رث منه، وأقرّ المنارة على حالها، ثم بنى الإسكندرية من أوّلها بناء يشبه بعضه بعضا ثم تداولها الملوك بعده من الروم وغيرهم، ليس من ملك إلا يكون له بناء يضعه بالإسكندرية يعرف به، وينسب إليه.
قال ابن لهيعة: وبلغني أنه وجد بالإسكندرية حجر مكتوب فيه: أنا شدّاد بن عاد، وأنا الذي نصب العماد، وحيّد الأحياد، وشدّ بذراعه الواد بنيتهنّ إذ لا شيب ولا موت، وإذ الحجارة في اللين مثل الطين، وفي رواية: وكنزت في البحر كنزا على اثني عشر ذراعا لن يخرجه أحد حتى تخرجه أمّة محمد صلى الله عليه وسلم.
قال ابن لهيعة: والأحياد كالمغار، وقال أبو علي القاليّ في كتاب الأمالي، وأنشد ابن الأعرابيّ وغيره:
تسألني عن السنين كم لي ... فقلت عمر الحسل
أو عمر نوح زمن الفطحل ... لو أنني أوتيت علم الحكل
وعشت دهرا زمن الفطحل ... لكنت رهن هرم أو قتل
وفي رواية:
علم سليمان كلام النمل ... أيام كان الصخر مثل الوحل
وقال آخر: زمن الفحطل إذ السلام رطاب، وعندهم أنّ زمن الفحطل: زمان كان بعد الطوفان عظم فيه الخصب، وحسنت أحوال أهله، وقال بعضهم: زمن الفحطل زمن لم يخلف بعده، وقوله: علم الحكل، الحكل ما لا يسمع صوته من الحيوان، وهذا الرجز لرؤبة بن العجاج بن رؤبة بن لبيد بن صخر بن كثيف بن حيي بن بكر بن ربيعة بن سعد بن مالك بن زيد مناة بن تميم، وذلك أنه ورد ماء لعكل، فرأى فتاة فأعجبته، فخطبها، فقالت: