أرى سنا، فهل من مال؟ قال: نعم قطعة من إبل، قالت: فهل من ورق؟ قال: لا، قالت:
يا آل عكل أكبروا أمعارا. فقال رؤبة:
لما ازدرت قدري وقلت إبلي ... تألفت واتصلت بعكل
حظي وهزت رأسها تستبلي ... تسألني عن السنين كم لي
فقلت لو عمرت عمر الحسل ... أو عمر نوح زمن الفطحل
والصخر مبتلّ كطين الوحل
وفي رواية:
لو أنني أوتيت علم الحكل ... علم سليمان كلام النمل
وسألت أبا بكر بن دريد عن زمن الفطحل، فقال: تزعم العرب أنه زمان كانت فيه الحجارة رطبة.
قال ابن عبد الحكم، ويقال: إنّ الذي بنى الإسكندرية شدّاد بن عاد، والله أعلم.
وكانت الإسكندرية ثلاث مدن بعضها إلى جنب بعض منيعة، وهي موضع المنارة وما والاها، والإسكندرية وهي موضع قصبة الإسكندرية اليوم ونفيطة، وكان على كل واحدة منهنّ سور وسور من خلف ذلك على الثلاث مدن يحيط بهنّ جميعا، وقيل: كان على الإسكندرية سبعة حصون منيعة وسبعة خنادق، قال: وإنّ ذا القرنين لما بنى الإسكندرية رخمها بالرخام الأبيض جدرها وأرضها، فكان لباسهم فيها السواد والحمرة، فمن قبل ذلك لبس الرهبان السواد من نصوع بياض الرخام، ولم يكونوا يسرجون فيها بالليل من بياض الرخام، وإذا كان القمر أدخل الرجل الذي يخيط بالليل في ضوء القمر مع بياض الرخام الخيط في ثقب الإبرة.
ويقال: بنيت الإسكندرية في ثلثمائة سنة، وسكنت ثلثمائة سنة، وخربت ثلثمائة سنة، ولقد مكثت سبعين سنة ما يدخلها أحد إلا وعلى بصره خرقة سوداء من بياض جصها وبلاطها، ولقد مكثت سبعين سنة ما يستسرج فيها، قال: وكانت الإسكندرية بيضاء تضيء بالليل والنهار، وكانوا إذا غربت الشمس لم يخرج أحد من بيته، ومن خرج اختطف وكان منهم راع يرعى على شاطىء البحر، فكان يخرج من البحر شيء فيأخذ من غنمه، فكمن له الراعي في موضع حتى خرج، فإذا جارية قد نفشت شعرها ومانعته عن نفسها فقوي عليها فذهب بها إلى منزله، فآنست به، فرأتهم لا يخرجون بعد غروب الشمس، فسألتهم فقالوا:
من خرج منا اختطف، فهيأت لهم الطلسمات، فكانت أوّل من وضع الطلسمات بمصر في الإسكندرية، وقيل: كان الرخام قد سخر لهم حتى يكون من بكرة النهار كالعجين فإذا انتصف النهار اشتدّ.