قال الفاكهيّ في كتاب أخبار مكة: ورأيت كسوة مما يلي الركن الغربيّ، يعني من الكعبة، مكتوبا عليها، مما أمر به السريّ بن الحكم وعبد العزيز بن الوزير الجرويّ، بأمر الفضل بن سهل ذي الرياستين «١» ، وطاهر بن الحسين سنة سبع وتسعين ومائة، ورأيت شقة من قباطي مصر في وسطها إلا أنهم كتبوا في أركان البيت بخط دقيق أسود، مما أمر به أمير المؤمنين، المأمون سنة ست ومائتين، ورأيت كسوة من كسا المهديّ مكتوبا عليها: بسم الله بركة من الله لعبد الله المهديّ محمد أمير المؤمنين أطال الله بقاءه، مما أمر به إسماعيل بن إبراهيم أن يصنع في طراز تنيس على يد الحكم بن عبيدة سنة اثنتين وستين ومائة، ورأيت كسوة من قباطي مصر مكتوبا عليها: بسم الله، بركة من الله مما أمر به عبد الله المهديّ محمد أمير المؤمنين أصلحه الله محمد بن سليمان أن يصنع في طراز تنيس كسوة الكعبة على يد الخطاب بن مسلمة عامله سنة تسع وخمسين ومائة.
قال المسبحيّ في حوادث سنة أربع وثمانين وثلثمائة: وفي ذي القعدة ورد يحيى بن اليمان من تنيس ودمياط والفرما بهديته، وهي أسفاط وتخوت وصناديق مال، وخيل وبغال وحمير وثلاث مظال، وكسوتان للكعبة.
وفي ذي الحجة سنة اثنتين وأربعمائة وردت هدية تنيس الواردة في كل سنة منها خمس نوق مزينة ومائة رأس من الخيل بسروجها ولجمها وتجافيف وصناعات عدّة، وثلاث قباب دبيقية بمراتبها، ومتحرقات وبنود، وما جرى الرسم بحمله من المتاع والمال والبز.
ولما قدم الحاكم استدعت أخته، السيدة سيدة الملك إلى عامل تنيس عن الحاكم بأن يحمل مالا كان اجتمع قبله، ويعجل توجيهه، وقيل: إنه كان ألف ألف دينار، وألفي ألف درهم اجتمعت من ارتفاع البلد لثلاث سنين، وأمره الحاكم بتركها عنده، فحمل ذلك إليها وبه استعانت على ما دبرت.
وفي سنة خمس عشرة وأربعمائة ورد الخبر على الخليفة الظاهر لإعزاز دين الله، أبي هاشم عليّ بن الحاكم بأمر الله: أن السودان وغيرهم ثاروا بتنيس، وطلبوا أرزاقهم وضيقوا على العامل، حتى هرب، وأنهم عاثوا في البلد وأفسدوا، ومدّوا أيديهم إلى الناس، وقطعوا الطرقات وأخذوا من المودع ألفا وخمسمائة دينار، فقام الجرجراي وقعد، وقال:
كيف يفعل هذا بخزانة السلطان؟ وساءنا فعل هذا بتنيس، أو بيت المال وسير خمسين فارسا للقبض على الجناة، وما زالت تنيس مدينة عامرة ليس بأرض مصر مدينة أحسن منها، ولا أحصن من عمارتها إلى أن خرّبها الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب في سنة أربع وعشرين وستمائة، فاستمرّت خرابا، ولم يبق منها إلا رسومها في وسط البحيرة، وكان