للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في البحر يراد به الفسطاط حتى تغير، فأنزل في بعض خصوص ساحل مريس، فغسل فيه، وأخرجت من هنالك جنازته، وخرج معه بالمجامر فيها العود لما كان قد تغير من ريحه، وأوصى عبد العزيز أن يمرّ بجنازته إذا مات على منزل، جناب بن مرثد بن زيد بن هانىء الرعينيّ، صاحب حرسه، وكان صديقا له وقد توفي قبل عبد العزيز فمرّ بجنازته على باب جناب، وقد خرج عيال جناب، ولبسن السواد ووقفن على الباب صائحات، ثم اتبعنه إلى المقبرة، وكان لنصيب من عبد العزيز ناحية، فقدم عليه في مرضه، فأذن له، فلما رأى شدّة مرضه أنشأ يقول:

ونزور سيدنا وسيد غيرنا ... ليت التشكي كان بالعوّاد

لو كان يقبل فدية لفديته ... بالمصطفى من طارفي وتلادي

فلما سمع صوته، فتح عينيه، وأمر له بألف دينار، واستبشر بذلك آل عبد العزيز، وفرحوا به، ثم مات.

وقال الكندي: ووقع الطاعون بمصر في سنة سبعين، فخرج عبد العزيز بن مروان منها إلى الشرقية منتديا، فنزل حلوان، فأعجبته فاتخذها وسكنها، وجعل بها الحرس والأعوان والشرط، فكان عليهم جناب بن مرثد بحلوان، وبنى عبد العزيز بحلوان الدور والمساجد، وعمّرها أحسن عمارة وأحكمها وغرس نخلها وكرمها، فقال ابن قيس الرقيات:

سقيا لحلوان ذي الكروم وما ... صنف من تينه ومن عنبه

نخل مواقير بالفناء من ال ... برنيّ يهتز ثم في سربه

أسود سكانه الحمام فما ... ينفك غربانه على رطبه

ولما غرس عبد العزيز، نخل حلوان وأطعم دخله، والجند معه، فجعل يطوف فيه ويقف على غروسه ومساقيه، فقال يزيد بن عروة الجمليّ: ألا قلت أيها الأمير، كما قال العبد الصالح: ما شاء الله لا قوّة إلا بالله، فقال: أذكرتني شكرا يا غلام، قل لأنيتاس: يزيد في عطائه عشرة دنانير.

عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشيّ الأمويّ، أبو الأصبغ، أمّه ليلى ابنة زبان بن الأصبغ الكنديّ، روى عن أبي هريرة، وعقبة بن عامر الجهنيّ، وروى عنه عليّ بن رباح، وبحير بن داخرة، وعبيد الله بن مالك الخولانيّ، وكعب بن علقمة، ووثقه النسائي وابن سعد.

ولما سار أبوه مروان إلى مصر، بعثه في جيش إلى أيلة، ليدخل مصر من تلك الناحية، فبعث إليه ابن جحدم أمير مصر بجيش عليهم: زهير بن قيس البلويّ، فلقي عبد العزيز ببصاق، وهي سطح عقبة أيلة، فقاتله فانهزم زهير ومن معه، فلما غلب مروان

<<  <  ج: ص:  >  >>