للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أسوان طولا، ومن برقة إلى أيلة عرضا، وحاز فارق لنفسه ما بين برقة إلى إفريقية، وكان ولده الأفارقة ولذلك سميت إفريقية، وذلك مسيرة شهر، وحاز ماح ما بين الشجرتين من منتهى حدّ مصر إلى الجزيرة مسيرة شهر، وهو أبو قبط الشام، وحاز باح ما وراء الجزيرة كلّها ما بين البحر إلى الشرق مسيرة شهر، وهو أبو قبط العراق، ثم توفي بنصر بن حام، ودفن في موضع دير أبي هرميس غربيّ الأهرام، فهي أوّل مقبرة قبر فيها بأرض مصر، وكثر أولاد مصر وكان الأكابر منهم قفط، وأتريب، وأشمن، وصا، والقبط من ولد مصر هذا ويقال: إنّ قبط أخو قفط، وهو بلسانهم قفطيم وقبطيم ومصرايم، قال: ثم إنّ بنصر بن حام وتوفي واستخلف ابنه مصر، وحاز كل واحد من إخوة مصر: قطعة من الأرض لنفسه سوى أرض مصر التي حازها لنفسه ولولده، فلما كثر ولد مصر وأولاد أولادهم قطع مصر لكل واحد من ولده قطيعة يحوزها لنفسه ولولده، وقسم لهم هذا النيل فقطع لابنه قفط موضع قفط فسكنها وبه سميت قفط قفطا، وما فوقها إلى أسوان، وما دونها إلى أشمون في الشرق والغرب، وقطع لأشمن من أشمون فما دونها إلى منف في الشرق والغرب فسكن أشمن أشمون فسميت به، وقطع لأتريب ما بين منف إلى صا فسكن أتريبا فسميت به، وقطع لصا ما بين صا إلى البحر فسكن صا فسميت به فكانت مصر كلها على أربعة أجزاء: جزأين بالصعيد، وجزأين بأسفل الأرض.

قال البكري: ومصر مؤنثة قال تعالى: أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ

[الزخرف/ ٥١] ، وقال:

ادْخُلُوا مِصْرَ

[يوسف/ ٩٩] . وقال عامر بن أبي واثلة الكناني لمعاوية: أما عمرو بن العاص، فأقطعته مصر، وأما قوله سبحانه: اهْبِطُوا مِصْراً

[البقرة/ ٦١] فإنه أراد مصرا من الأمصار، وقرأ سليم الأعمش: اهبطوا مصر، وقال: هي مصر التي عليها سليم بن عليّ فلم يجرّها.

وقال القضاعي: وكان بنصر بن حام قد كبر، وضعف فساقه ولده مصر، وجميع إخوته إلى مصر، فنزلوها وبذلك سميت مصر، وهو اسم لا ينصرف في المعرفة لأنه اسم مذكر سميت به هذه المدينة فاجتمع فيها التأنيث والتعريف، فمعناها الصرف، ثم قيل: لكل مدينة عظيمة يطرقها السفار: مصر فإذا أريد مصر من الأمصار صرف لزوال إحدى العلتين، وهي التعريف، وأما قوله تعالى إخبارا عن موسى عليه السلام: اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ

[البقرة/ ٦١] فإنه مصروف في قراءة سائر القراء، وفي قراءة الحسن والأعمش:

غير مصروف فمن صرفها فله وجهان: أحدهما: أنه أراد هبوط مصرا من الأمصار لأنهم كانوا يومئذ في التيه، والآخر: أنه أراد مصر هذه بعينها وصرفها لأنه جعل مصرا اسما للبلد، وهو اسم مذكر سمي به مذكّر فلم يمنعه الصرف، وأما من لم يصرفه فإنه أراد بمصر هذه المدينة، وكذلك قوله تعالى إخبارا عن يوسف عليه السلام: ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ

[يوسف/ ٩٩] ، وقول فرعون: أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ

[الزخرف/ ٥١] إنما يراد به مصر

<<  <  ج: ص:  >  >>