عزّ وجل أن يبارك في سام أفضل البركة وأن يجعل الملك والنبوّة في ولد أرفخشد، ثم نادى حاما وتلفت يمينا وشمالا فلم يجبه ولم يقم إليه هو ولا أحد من ولده فدعا الله عز وجل نوح أن يجعل ولده أذلاء وأن يجعلهم عبيدا لولد سام، وكان مصر بن بنصر بن حام نائما إلى جنب جدّه فلما سمع دعاء نوح على جدّه وولده قام يسعى إلى نوح وقال: يا جدّي قد أجبتك إذ لم يجبك جدّي ولا أحد من ولده فاجعل لي دعوة من دعائك ففرح نوح ووضع يده على رأسه وقال: اللهمّ إنه قد أجاب دعوتي فبارك فيه وفي ذريته وأسكنه الأرض المباركة التي هي أمّ البلاد، وغوث العباد التي نهرها أفضل أنهار الدنيا وأجعل فيها أفضل البركات، وسخر له ولولده الأرض وذللها لهم وقوّهم عليها، ثم دعا ابنه يافث فلم يجبه ولا أحد من ولده، فدعا الله عليهم أن يجعلهم شرار الخلق، وعاش سام مباركا إلى أن مات وعاش ابنه أرفخشد بن سام مباركا حتى مات وكان الملك الذي يحبه الله والنبوّة والبركة في ولد أرفخشد بن سام وكان أكبر ولد حام: كنعان بن حام، وهو الذي حمل به في الرجز في الفلك فدعا عليه نوح فخرج أسود وكان في ولده الملك والجبروت والجفاء وهو:
أبو السودان والحبش كلهم وابنه الثاني: كوش بن حام، وهو أبو السند والهند وابنه الثالث:
قوط بن حام وهو: أبو البربر وابنه الأصغر الرابع: بنصر بن حام، وهو أبو القبط كلهم فولد بنصر بن حام أربعة: مصر بن بنصر وهو أكبرهم والذي دعا له نوح بما دعا له. وفارق بن بنصر، وماح بن بنصر، وقيل: ولد مصر أربعة: قفط بن مصر، وأشمن بن مصر، وأتريب بن مصر، وصا بن مصر؛ وعن ابن لهيعة وعبد الله بن خالد أوّل من سكن مصر بنصر بن حام بن نوح عليه السلام بعد أن أغرق الله تعالى قومه وأوّل مدينة عمرت بمصر منف فسكنها بنصر بولده وهم: ثلاثون نفسا منهم أربعة أولاد له قد بلغوا وتزوجوا وهم:
مصر، وفارق، وياح، وماح، وكان مصر أكبرهم فبنوا مصر، وكانت إقامتهم قبل ذلك بسفح المقطم، ونقروا هناك منازل كثيرة، وكان نوح عليه السلام قد دعا لمصر أن يسكنه الله الأرض الطيبة المباركة التي هي أمّ البلاد، وغوث العباد، ونهرها أفضل الأنهار، ويجعل له فيها أفضل البركات ويسخر له الأرض ولولده ويذللها لهم ويقوّيهم عليها، فسأله عنها فوصفها له وأخبره بها قالوا: وكان مصر بن بنصر مع نوح في السفينة لما دعا له وكان بنصر بن حام قد كبر وضعف فساق ولده مصر، وجميع إخوته إلى مصر فنزلوها وبذلك سميت مصر فلما قرّ قرار بنصر وبنيه بمصر قال لمصر إخوته فارق وماح وياح وبنوا بنصر قد علمنا أنك أكبرنا وأفضلنا وأن هذه الأرض التي أسكنك إياها جدّك نوح، ونحن نضيق عليك أرضك، وذلك حين كثر ولده وأولادهم، ونحن نطلب إليك البركة التي جعلها فيك جدّنا نوح أن تبارك لنا في أرض نلحق بها ونسكنها وتكون لنا ولأولادنا، فقال: نعم عليكم بأقرب البلاد إليّ ولا تباعدوا مني فإنّ لي في بلادي مسيرة شهر من أربعة وجوه أحوزها لنفسي فتكون لي ولولدي ولأولادهم، فحاز مصر بن بنصر لنفسه ما بين الشجرتين التي بالعريش