وهم نزول في البراري إلى قمونية ويعمونية القبط فأوقع بجميع تلك الطوائف وسبى ذراريهم كما فعل ببلاد الشرق فقيل له: من أجل ذلك سبأ ثم عاد إلى مصر ومضى فيها إلى الشام يريد الحجاز وأوصى ابنه بابليون عند رحيله اه:
ألا قل لبابليون والقول حكمة ... ملكت زمام الشرق والغرب فأجمل
وخذ لبني حام من الأمر وسطه ... فإن صدفوا يوما عن الحق فأقبل
وإن جنحوا بالقول للرفق طاعة ... يريدون وجه الحق والعدل فأعدل
ولا تظهرنّ الرأي في الناس يجتروا ... عليك به واجعله ضربة فيصل
ولا تأخذن المال في غير حقه ... وإن جاء لا تدينه نحوك وابذل
وداوي ذوي الأحقاد بالسيف إنه ... متى يلق منك العزم ذو الحقد يجمل
وجد لذوي الأحساب لينا وشدّة ... ولا تك جبارا عليهم وأجمل
وكن لسؤال الناس غوثا ورحمة ... ومن يك ذا عرف من الناس يسأل
وإياك والسفر القريب فإنه ... سيغني بما يوليه في كل منهل
ثم عاد إلى اليمن، وبنى سد مأرب وهو سدّ فيه سبعون نهرا، ويصل إليه السيل من مسيرة ثلاثة أشهر في مثلها، ثم مات عن خمسمائة سنة، وقام من بعده ابنه حمير بن سبا فعتا بنو حام على بابليون وأرادوا تخريب مصر فاستدعى أخاه حمير لينجده عليهم فقدم عليه مصر، ومضى إلى بلاد المغرب فأقام بها مائة عام يبني المدائن، ويتخذ المصانع فمات بابليون بن سبأ بمصر. وولى بعده ابنه امرئ القيس بابليون ثم مات حمير بن سبأ عن أربعمائة سنة وخمس وأربعين سنة منها في الملك أربعمائة سنة، وأقام من بعده وائل بن حمير. ثم مات فقام من بعده ابنه السكسك بن وائل الذي يقال له: مقعقع الحمد وقد افترق ملك حمير، فحارب الثوار، وسار إلى الشام فلقيه عمرو بن امرئ القيس بن بابليون بن سبأ بالرملة وقد ملك بعد أبيه وقدّم له هدية فأقرّه على مصر حتى قدم عليه إبراهيم الخليل عليه السلام ووهبه هاجر.
وقال أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم «١» في كتاب فتوح مصر وأخبارها عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: كان لنوح عليه السلام أربعة من الولد:
سام، وحام، ويافث، ويخطون، وأنّ نوحا رغب إلى الله عزّ وجلّ وسأله أن يرزقه الإجابة في ولده وذريته حين تكاملوا بالنماء والبركة فوعده ذلك فنادى نوح ولده وهم نيام عند السحر فنادى ساما فأجابه يسعى وصاح سام في ولده فلم يجبه أحد منهم إلا ابنه أرفخشد فانطلق به معه حتى أتياه فوضع نوح يمينه على سام وشماله على أرفخشد بن سام وسأل الله