للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في يوم الاثنين المذكور، وترك على الشط ثلاثة أيام، ثم دفن.

ولما قتل الملك المعظم، اتفق أهل الدولة، على إقامة شجرة الدر، والدة خليل في مملكة مصر، وأن يكون مقدّم العسكر الأمير عز الدين «١» أيبك التركمانيّ الصالحيّ، وحلف الكل على ذلك، وسيروا إليها عز الدين الروميّ، فقدم عليها في قلعة الجبل، وأعلمها بما اتفق فرضيت به، وكتبت على التواقيع علامتها، وهي والدة خليل، وخطب لها على المنابر بمصر والقاهرة، وجرى الحديث مع الملك روادفرنس في تسليم دمياط، وتولى مفاوضته في ذلك الأمير حسام الدين بن أبي عليّ الهديانيّ، فأجاب إلى تسليمها، وأن يخلى عنه بعد محاورات، وسير إلى الفرنج بدمياط يأمرهم بتسليمها إلى المسلمين، فسلموها بعد جهد جهيد من كثرة المراجعات في يوم الجمعة ثالث صفر، ورفع العلم السلطانيّ على سورها، وأعلن فيها بكلمة الإسلام، وشهادة الحق بعد ما أقامت بيد الفرنج، أحد عشر شهرا وسبعة أيام، وأفرج عن الملك روادفرنس، وعن أخيه، وزوجته، ومن بقي من أصحابه إلى البرّ الغربيّ، وركبوا البحر من الغد، وهو يوم السبت رابع صفر، وأقلعوا إلى عكا. وفي هذه النوبة يقول الوزير جمال الدين يحيى بن مطروح:

قل للفرنسيس إذا جئته ... مقال نصح عن قؤول نصيح

آجرك الله على ما جرى ... من قبل عباد يسوع المسيح

أتيت مصر تبتغي ملكها ... تحسب أنّ الزمر يا طبل ريح

فساقك الحين إلى أدهم ... ضاق به عن ناظريك الفسيح

وكل أصحابك أودعتهم ... بحسن تدبيرك بطن الضريح

خمسون ألفا لا يرى منهم ... إلا قتيل أو أسير جريح

وفقك الله لأمثالها ... لعلّ عيسى منكم يستريح

إن كان بابا كم بذار راضيا ... فرب غشّ قد أتى من نصيح

قل لهم أن أضمروا عودة ... لأخذ ثأر أو لنقد صحيح

دار ابن لقمان على حالها ... والقيد باق والطواشي صبيح

وقدّر الله أن الفرنسيس هذا بعد خلاصه من هذه الوقعة جمع عدّة جموع، وقصد يونس، فقال شاب من أهلها يقال له أحمد بن إسماعيل الزيات:

يا فرنسيس هذه أخت مصر ... فتأهب لما إليه تصير

لك فيها دار ابن لقمان قبر ... وطواشيك منكر ونكير

<<  <  ج: ص:  >  >>