سوداوين، وعليها حلة من جواهر منظومة، وهي جالسة على كرسيّ، وكان يجعلها بين يديه في كل موضع يجلس فيه يتسلى بذلك عنها، فدفنت هذه الصورة معه تحت رجليه كأنها تخاطبه.
وقال الحكيم الفاضل أحمد بن خليفة في كتاب عيون الأنباء في طبقات الأطباء:
واشتاق فيثاغورس إلى الاجتماع بالكهنة الذين كانوا بمصر، فورد على أهل مدينة الشمس المعروفة في زماننا بعين شمس، فقبلوه قبولا كريما، وامتحنوه زمانا، فلم يجدوا عليه نقصا ولا تقصيرا، فوجهوا به إلى كهنة منف كي يبالغوا في امتحانه، فقبلوه على كراهة واستقصوا امتحانه، فلم يجدوا عليه معيبا، ولا أصابوا له عثرة، فبعثوا به إلى أهل ديوسوس ليمتحنوه، فلم يجدوا عليه طريقا، ولا إلى إدحاضه سبيلا، ففرضوا عليه فرائض صعبة، كيما يمتنع من قبولها، فيدحضوه ويحرموه طلبته، مخالفة لفرائض اليونانين، فقبل ذلك، وقام به، فاشتدّ إعجابهم به، وفشا بمصر ورعه حتى بلغ ذكره إلى أماسيس ملك مصر، فأعطاه سلطانا على ضحايا الرب، وعلى سائر قرابينهم، ولم يعط ذلك لغريب قط.
ويقال: إنه كان للكواكب السبعة السيارة، هياكل تحج الناس إليها من سائر أقطار الدنيا، وضعها القدماء، فجعلوا على اسم كل كوكب هيكلا في ناحية من نواحي الأرض، وزعموا أن البيت الأوّل هو الكعبة، وأنه مما أوصى إدريس الذي يسمونه هرمس الأوّل المثلث، أن يحج إليه، وزعموا أنه منسوب لزحل، والبيت الثاني بيت المرّيخ، وكان بمدينة صور من الساحل الشاميّ، والبيت الثالث للمشتري، وكان بدمشق، بناه جيرون بن سعد بن عاد، وموضعه الآن جامع بني أمية، والبيت الرابع بيت الشمس بمصر، ويقال: إنه من بناء هرشيك أحد ملوك الطبقة الأولى من ملوك الفرس، وهو المسمى بعين شمس، والبيت الخامس بيت الزهرة، وكان بمنتيح، والبيت السادس بيت عطارد، وهو بصيدا من ساحل البحر الشاميّ، والبيت السابع بيت القمر، وكان بحرّان «١» ويقال: إنه قلعتها، ويسمى المدوّر، ولم يزل عامرا إلى أن خرّبه التتر، ويقال: إنه كان هو هيكل الصابئة الأعظم. وقال شافع بن عليّ «٢» في كتاب عجائب البلدان: وعين شمس مدينة صغيرة تشاهد سورها محدقا بها مهدوما، ويظهر من أمرها أنها كانت بيت عبادة، وفيها من الأصنام الهائلة العظيمة الشكل من نحيت الحجارة ما يكون طول الصنم، بقدر ثلاثين ذراعا، وأعضاؤه في تلك النسبة من العظم، وكل هذه الأصنام قائمة على قواعد، وبعضها قاعد على نصبات عجيبة وإتقانات محكمة، وباب المدينة موجود إلى الآن، وعلى معظم تلك الحجارة تصاوير على