للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيام، ثم تعود إلى اللون الأوّل، وكسوا الهيكل ألوان الثياب، وشقوا نهرا من النيل إلى الهيكل، وجعل حوله طلسمات رؤوسها رؤوس القرود على أبدان اناس، كل واحد منها لدفع مضرّة، وجلب منفعة، وأقام عند الهيكل، أربعة أصنام على أربعة أبواب، ودفن تحت كل صنم صنفا من الكنوز، وكتب عليها قربانها، وبخورها وأسكنها الشجرة، فكانت تعرف بمدينة الشجرة، ومنها كانت أصناف الشجر تخرج وهو أوّل من عمل النيروز بمصر، وفي زمانه بنيت البهنسا، وأقم بها أسطوانات وجعل فيما فوقها مجلسا من زجاج أصفر عليه قبة مذهبة إذا طلعت الشمس ألقت شعاعها على المدينة.

ويقال: إنه ملكهم ثمانمائة وثلاثين سنة، ودفن في أحد الأهرام الصغار القبلية، وقيل: في غربيّ الأشمونين، ودفن معه من المال والجواهر والعجائب شيء كثير، وأصناف الكواكب السبعة التي يرى الدفين والحية، وألف سرج ذهبا وفضة، وعشرة آلاف جام وغضار من ذهب وفضة وزجاج، وألف عقاقير لفنون الأعمال، وزبروا عليه اسمه ومدّة ملكه، ووقت موته.

وفي سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، ظهر بالأشمونين في واد بين جبلين، فساقي «١» مربعة مملوءة ماء عذبا صافيا، فمشى شخص على حافتها طول يوم وليلة، فلم يبلغ آخرها.

ويقال: إنها من عمل سوريد باني الأهرام لتكون عدّة لما كانوا قد توقعوه من حدوث طوفان ناريّ، فردم هذا الوادي بعد ذلك خوفا من تلاف الناس.

يقول الشيخ الإمام محمد بن أحمد الغريانيّ: حدّثني عليّ بن حسن بن خالد الشعريّ، ثلاث مرّات لم يختلف قوله عليّ فيها، قال: حدّثني رجل من فزارة، الساكنين بكورة البهنسا قال: خرجت أنا ورجل رفيق لي نرتاد البلاد، ونطلب الرزق في الأرض، وذلك بعد سنة عشر وثمانمائة، فقطعنا الجبل الغربيّ من ناحية البهنسا، وسرنا متوكلين على الله تعالى، فأقمنا أياما، ونحن نمشي ما بين الغرب والجنوب، فوقعنا في واد كثير الشجر والنبات والماء والكلأ ليس فيه أنيس، وهو واد واسع في الطول والعرض، نحو يوم في الطول، ويوم في العرض، كله أعين وبساتين نخل وزيتون كثير الإبل والمعز، والذئب والضبع به كثير، والإبل به متوحشة، وكذلك المعز قد صارت به وحشية بعد أن كانت آنسة به، وليس بالوادي لا رائح، ولا غاد من الناس قال: فأخبرني أنهما أقاما بالوادي نحوا من شهرين أو ثلاثة، وإنهما رأيا في وسط الوادي، مدينة حصينة منيعة عالية السور شامخة القصور فإذا تقرّبا من سورها سمعا ضجيجا عظيما، وأصواتا مهولة مخوفة، ورأيا دخانا يرتفع إلى جوّ السماء، حتى يغطي سور المدينة، وجميع ما فيها، وإنّ تلك الإبل الوحشية

<<  <  ج: ص:  >  >>