قال فرعون: أفي أيامنا أو في أيام غيرنا؟ قال: ليس في أيامك ولا أيام بنيك، قال الملك:
فهل تجد هذا فيما قضى به إلهكم؟ قال: نعم، قال: فكيف تقدر أن تقيل من يريد إلهه هلاك قومه على يديه؟ فلا يعبأ بهذا الكلام.
وعن كعب: أنّ يعقوب عاش في أرض مصر ست عشرة سنة، فلما أحضرته الوفاة قال ليوسف: لا تدفني بمصر، فإذا مت فاحملوني فادفنوني في مغارة جبل جيرون، وجيرون مسجد إبراهيم الخليل عليه السلام، وبينه وبين بيت المقدس، ثمانية عشر ميلا.
قال: فلما مات لطخوه بمرّ وصبر وجعلوه في تابوت من ساج، فكانوا يفعلون به ذلك أربعين يوما، حتى كلم يوسف فرعون، فأعلمه: أنّ أباه قد مات، وإنه سأله أن يقبره في أرض كنعان، فأذن له وخرج معه أشراف أهل مصر، حتى دفنه، وانصرف.
وقيل: قبر يعقوب بمصر، فأقام بها نحوا من ثلاث سنين، ثم حمل إلى بيت المقدس، وأوصاهم بذلك عند موته.
قال: ثم مات الريان بن الوليد، فملكهم من بعده ابنه دارم بن الريان، وفي زمانه توفي يوسف عليه السلام، فلما حضرته الوفاة قال: إنكم ستخرجون من أرض مصر إلى أرض آبائكم، فاحملوا عظامي معكم، فمات فجعلوه في تابوت، ودفنوه في أحد جانبي النيل، فأخصب الجانب الذي كان فيه، وأجدب الجانب الآخر، فحوّلوه إلى الجانب الآخر، فأخصب الجانب الذي حوّلوه إليه، وأجدب الآخر.
فلما رأوا ذلك جمعوا عظامه، فجعلوها في صندوق من حديد، وجعلوا فيه سلسلة، وأقاموا عمودا على شاطىء النيل، وجعلوا في أصله سكة من حديد، وجعلوا السلسلة في السكة، وألقوا الصندوق في وسط النيل، فأخصب الجانبان جميعا.
وكان سبب حمل عظام يوسف من مصر إلى الشام أنّ سارة ابنة أسر بن يعقوب عمّرت حتى صارت عجوزا كبيرة ذاهبة البصر، فلما سرى موسى عليه السلام ببني إسرائيل غشيتهم ضبابة، حالت بينهم وبين الطريق أن يبصروه، وقيل لموسى: لن تعبر إلّا ومعك عظام يوسف، قال: ومن يدري أين موضعها؟ قالوا: عجوز كبيرة ذاهبة البصر تركناها في الديار، فرجع موسى، فلما سمعت حسه قالت: ما ردّك؟ قال: أمرت أن أحمل عظام يوسف، قالت: ما كنتم لتعبروا إلا وأنا معكم، قال: دليني على عظام يوسف، فدلته عليها، فأخذ عظام يوسف معه إلى التيه «١» .
يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم: خليل الرحمن صلوات الله عليهم أحد