الحقب، وهي أربعة آلاف وسبعمائة سنة وثلاث وعشرون وثلث خرج من السنين: ثمانية وعشرون ألف ألف ألف وثلثمائة ألف ألف وأربعون ألف ألف، وإذا كانت جمعة من جمع الآخرة زدنا مع هذا العدد مثل سدسه، وهذا عدد الحقب.
وقال أبو جعفر محمد بن جرير الطبريّ: الصواب من القول ما دل على صحته الخبر الوارد، فذكر قوله عليه السلام:«أجلكم في أجل من كان قبلكم من صلاة العصر إلى مغرب الشمس» ، وقوله عليه السلام:«بعثت أنا والساعة كهاتين» وأشار بالسبابة والوسطى، وقوله عليه السلام:«بعثت أنا والساعة جميعا إن كادت لتسبقني» . قال: فمعلوم إن كان اليوم أوّله طلوع الشمس، وآخره غروب الشمس، وكان صحيحا عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قوله:«أجلكم في أجل من كان قبلكم من صلاة العصر إلى مغرب الشمس» ، وقوله:«بعثت أنا والساعة كهاتين» وأشار بالسبابة والوسطى، وكان قدر ما بين أوسط أوقات العصر، وذلك إذا صار ظل كل شيء مثليه على التحرّي إنما يكون قدر نصف سبع اليوم يزيد قليلا أو ينقص قليلا، وكذلك فضل ما بين الوسطى والسبابة، إنما يكون نحوا من ذلك، وكان صحيحا مع ذلك قوله عليه السلام:«لن يعجز الله أن يؤخر هذه الأمّة نصف يوم» يعني نصف اليوم الذي مقداره ألف سنة، فأولى القولين اللذين أحدهما عن ابن عباس والآخر عن كعب. قول ابن عباس:
إنّ الدنيا جمعة من جمع الآخرة سبعة آلاف، وإذا كان كذلك، وكان قد جاء عنه عليه السلام: أنّ الباقي من ذلك في حياته نصف يوم، وذلك خمسمائة عام إذا كان ذلك نصف يوم من الأيام التي قدر الواحد منها ألف عام كان معلوما أنّ الماضي من الدنيا إلى وقت قوله عليه السلام:«ستة آلاف سنة وخمسمائة سنة» أو نحو ذلك، وقد جاء عنه عليه السلام خبر يدل على صحة قول من قال: إنّ الدنيا كلها ستة آلاف سنة لو كان صحيحا لم يعد القول به إلى غيره، وهو حديث أبي هريرة يرفعه الحقب ثمانون عاما اليوم منها سدس الدنيا، فتبين من هذا الخبر أن الدنيا كلها ستة آلاف سنة، وذلك أنه حيث كان اليوم الذي هو من أيام الآخرة مقداره ألف سنة من سني الدنيا، وكان اليوم الواحد من ذلك سدس الدنيا، كان معلوما أن جميعها ستة أيام من أيام الآخرة، وذلك ستة آلاف سنة، وقال أبو القاسم السهيليّ «١» : وقد مضت الخمسمائة من وفاته صلّى الله عليه وسلّم إلى اليوم بنيف عليها، وليس في قوله: لن يعجز الله أن يؤخّر هذه الأمّة نصف يوم، ما ينفي الزيادة على النصف، ولا في قوله: بعثت أنا والساعة كهاتين، ما يقطع به على صحة تأويله، يعني الطبري، فقد نقل في تأويله غير هذا وهو أنه ليس بينه وبين الساعة نبيّ، ولا شرعة غير شرعته مع التقريب لحينها، كما قال تعالى: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ