للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتواضع بعضهم لبعض، وعوامّ أهل مصر في وقتنا يقولون: خميس العدس من أجل أنّ النصارى تطبخ فيه العدس المصفى، ويقول أهل الشام: خميس الأرز وخميس البيض، ويقول أهل الأندلس: خميس أبريل، وأبريل اسم شهر من شهورهم، وكان في الدولة الفاطمية تضرب في خميس العدس هذا خمسمائة دينار، فتعمل خراريب تفرّق في أهل الدولة برسوم مفردة كما ذكر في أخبار القصر من القاهرة عند ذكر دار الضرب من هذا الكتاب، وأدركنا خميس العدس هذا في القاهرة ومصر، وأعمالها من جملة المواسم العظيمة، فيباع في أسواق القاهرة من البيض المصبوغ عدّة ألوان ما يتجاوز حدّ الكثرة، فيقامر به العبيد والصبيان والغوغاء، وينتدب لذلك من جهة المحتسب من يردعهم في بعض الأحيان، ويهادي النصارى بعضهم بعضا، ويهدون إلى المسلمين أنواع السمك المنوّع مع العدس المصفى، والبيض، وقد بطل ذلك لما حلّ بالناس وبقيت منه بقية.

سبت النور: وهو قبل الفصح بيوم، ويزعمون: أنّ النور يظهر على قبر المسيح بزعمهم في هذا اليوم بكنيسة القيامة من القدس، فتشعل مصابيح الكنيسة كلها، وقد وقف أهل الفصح، والتفتيش على أنّ هذا من جملة مخاريق النصارى، لصناعة يعملونها، وكان بمصر هذا اليوم من جملة المواسم، ويكون ثالث يوم من خميس العدس، ومن توابعه.

حدّ الحدود: وهو بعد الفصح بثمانية أيام فيعمل أوّل أحد بعد الفطر لأن الآحاد قبله مشغولة بالصوم، وفيه يجدّون الآلات والأثاث واللباس، ويأخذون في المعاملات، والأمور الدنيوية والمعاش.

عيد التجلي: يعمل في ثالث عشر شهر مسرى «١» يزعمون أن المسيح تجلى لتلاميذه بعد ما رفع، وتمنوا عليه أن يحضر لهم إيلياء، وموسى عليهما السلام، فأحضرهما إليهم بمصلى بيت المقدس، ثم صعد إلى السماء وتركهم.

عيد الصليب: ويعمل في اليوم السابع عشر من شهر توت «٢» ، وهو من الأعياد المحدثة، وسببه ظهور الصليب بزعمهم على يد هيلانة أم قسطنطين، وله خبر طويل عندهم ملخصه ما أنت تراه.

ذكر قسطنطين: وقسطنطين هذا: هو ابن قسطنش بن وليطنوش بن أرشميوش بن دقبون بن كلوديش بن عايش بن كتبيان اعسب الأعظم الملقب قيصر، وهو أوّل من ثبت دين النصرانية، وأمر بقطع الأوثان، وهدم هياكلها، وبنيان البيع، وآمن من الملوك بالمسيح، وكانت أمّه هيلانة من مدينة الرها، فنشأ بها مع أمّه، وتعلم العلوم، ولم يزل في غاية من

<<  <  ج: ص:  >  >>