للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنهما، قال: إنّ فرعون لما قال للملأ من قومه: إن هذا لساحر عليم، قالوا له: ابعث إلى السحرة، فقال فرعون لموسى: يا موسى اجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن، ولا أنت، فتجتمع أنت وهارون وتجتمع السحرة، فقال موسى: موعدكم يوم الزينة، قال:

ووافق ذلك يوم السبت في أوّل يوم من السنة، وهو يوم النيروز، وفي رواية: أن السحرة قالوا لفرعون: أيها الملك واعد الرجل، فقال: قد واعدته يوم الزينة، وهو عيدكم الأكبر، ووافق ذلك يوم السبت، فخرج الناس لذلك اليوم، قال: والنوروز أوّل سنة الفرس، وهو الرابع عشر من آذار، وفي شهر برمهات، ويقال: أوّل من أحدثه جمشيد «١»

من ملوك الفرس، وإنه ملك الأقاليم السبعة، فلما كمل ملكه، ولم يبق له عدوّ اتخذ ذلك اليوم عيدا، وسماه نوروزا في اليوم الجديد، وقيل: إن سليمان بن داود عليهما السلام، أوّل من وضعه في اليوم الذي رجع إليه فيه خاتمه، وقيل: هو اليوم الذي شفي فيه أيوب عليه السلام، وقال الله سبحانه وتعالى له: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ

[ص/ ٤٢] فجعل ذلك اليوم عيدا، وسنّوا فيه رش الماء، ويقال: كان بالشام سبط من بني إسرائيل أصابهم الطاعون، فخرجوا إلى العراق، فبلغ ملك العجم خبرهم، فأمر أن تبنى عليهم حظيرة يجعلون فيها، فلما صاروا فيها ماتوا، وكانوا أربعة آلاف رجل، ثم إن الله تعالى أوحى إلى نبيّ ذلك الزمان أرأيت بلاد كذا وكذا، فحاربهم بسبط بني فلان، فقال: يا رب كيف أحارب بهم، وقد ماتوا، فأوحى الله إليه: إني أحييهم لك، فأمطرهم الله ليلة من الليالي في الحظيرة، فأصبحوا أحياء فهم الذين قال الله فيهم: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ، فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ

[البقرة/ ٢٤٣] فرفع أمرهم إلى ملك فارس، فقال: تبرّكوا بهذا اليوم، وليصب بعضكم على بعض الماء، فكان ذلك اليوم يوم النوروز، فصارت سنّة إلى اليوم، وسئل الخليفة المأمون عن رش الماء في النوروز، فقال قول الله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ

[البقرة/ ٢٤٣] هؤلاء قوم أجدبوا تقول مات فلان هزالا فغيثوا في هذا اليوم برشة من مطر فعاشوا، فأخصب بلدهم، فلما أحياهم الله بالغيث، والغيث يسمى الحيا جعلوا صب الماء في مثل هذا اليوم سنّة يتبرّكون بها إلى يومنا هذا.

وقد روي: أن الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف قوم من بني إسرائيل فرّوا من الطاعون، وقيل: أمروا بالجهاد، فخافوا الموت بالقتل في الجهاد، فخرجوا من ديارهم فرارا من ذلك، فأماتهم الله ليعرّفهم أنه لا ينجيهم من الموت شيء، ثم أحياهم على يد حزقيل أحد أنبياء بني إسرائيل في خبر طويل قد ذكره أهل التفسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>