التي زعموا أن المسيح صلب عليها، وقد قص عليها ما عمل به اليهود، فحفرت فإذا قبر وثلاث خشبات على شكل الصليب، فزعموا أنهم ألقوا الثلاث خشبات على ميت واحدة بعد واحدة، فقام حيّا عندما وضعت عليه الخشبة الثالثة منها، فاتخذوا ذلك اليوم عيدا، وسمّوه: عيد الصليب، وكان في اليوم الرابع عشر من أيلول والسابع عشر من توت، وذلك بعد ولادة المسيح بثلاثمائة وثمان وعشرين سنة، وجعلت هيلانة لخشبات الصليب غلافا من ذهب، وبنت كنيسة القيامة «١» ببيت المقدس على قبر المسيح بزعمهم، وكانت لها مع اليهود أخبار كثيرة قد ذكرت عندهم، ثم انصرفت بالصليب معها إلى ابنها، وما زال قسطنطين على ممالك الروم إلى أن مات بعد أربع وعشرين سنة من ولايته، فقام من بعده بممالك الروم ابنه قسطنطين الأصغر، وقد كان لعيد الصليب بمصر موسم عظيم يخرج الناس فيه إلى بني وائل بظاهر فسطاط مصر، ويتظاهرون في ذلك اليوم بالمنكرات من أنواع المحرّمات، ويمرّ لهم فيه ما يتجاوز الحدّ، فلما قدمت الدولة الفاطمية إلى ديار مصر، وبنوا القاهرة، واستوطنوها، وكانت خلافة أمير المؤمنين العزيز بالله أمر في رابع شهر رجب في سنة إحدى وثمانين وثلثمائة، وهو يوم الصليب، فمنع الناس من الخروج إلى بني وائل وضبط الطرق والدروب، ثم لما كان عيد الصليب في اليوم الرابع عشر من شهر رجب سنة اثنتين وثمانين وثلثمائة خرج الناس فيه إلى بني وائل، وجروا على عادتهم في الاجتماع واللهو، وفي صفر سنة اثنتين وأربعمائة قرىء في سابعه سجل بالجامع العتيق وفي الطرقات كتب عن الحاكم بأمر الله يشتمل على منع النصارى من الاجتماع على عمل عيد الصليب، وأن لا يظهروا بزينتهم فيه، ولا يقربوا كنائسهم، وأن يمنعوا منها ثم بطل ذلك، حتى لم يكد يعرف اليوم بديار مصر البتة.
النيروز: هو أوّل السنة القبطية بمصر، وهو أوّل يوم من توت، وسنتهم فيه إشعال النيران، والتراش بالماء، وكان من مواسم لهم المصريين قديما وحديثا. قال ابن وهب:
بردت النار في الليلة التي ألقي فيها إبراهيم، وفي صبيحتها على الأرض كلها، فلم ينتفع بها أحد في الدنيا تلك الليلة، وذلك الصباح، فمن أجل ذلك بات الناس على النار في تلك الليلة التي رمي فيها إبراهيم عليه السلام، ووثبوا عليها، وتبخروا بها، وسموا تلك الليلة:
نيروزا، والنيروز في اللسان السرياني: العيد. وسئل ابن عباس عن النيروز لم اتخذوه عيدا، فقال: إنه أوّل السنة المستأنفة وآخر السنة المنقطعة، فكانوا يستحبون أن يقدموا فيه على ملوكهم بالطرف، والهدايا، فاتخذته الأعاجم سنّة.
قال الحافظ أبو القاسم عليّ بن عساكر في تاريخ دمشق من طريق ابن عباس رضي الله