للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإفرنج، وسواحل الشام والثغور إلى حدود العراق، وثغر إسكندرية فرضة أقريطس وصقلية وبلاد المغرب، ومن جهة الصعيد يحمل إلى بلاد الغرب والنوبة والبجة والحبشة والحجاز واليمن، وبمصر عدّة من الثغور المعدّة للرباط في سبيل الله تعالى وهي: البراس ورشيد والإسكندرية وذات الحمام والبحيرة واخنا ودمياط وشطا وتنيس والأشتوم والفرما والواردة والعريش وأسوان وقوص والواحات، فيغزى من هذه الثغور الروم والفرنج والبربر والنوبة والحبشة والسودان. وبمصر عدّة مشاهد وكثير من المساجد، وبها النيل، والأهرام والبرابي والأديار والكنائس وأهلها يستغنون بها عن كل بلد حتى أنه لو ضرب بينها وبين بلاد الدنيا بسوره لاستغنى أهلها بما فيها عن جميع البلاد. وبمصر دهن البلسان الذي عظمت منفعته، وصارت ملوك الأرض تطلبه من مصر، وتعتني به وملوك النصرانية تترامى على طلبه، والنصارى كافة تعتقد تعظيمه وترى أنه لا يتم تنصر نصرانيّ إلا بوضع شيء من دهن البلسان في ماء المعمودية عند تغطيسه فيها، وبها السقنقور ومنافعه لا تنكر وبها النمس والعرس، ولهما في أكل الثعابين فضيلة لا تنكر فقد قيل: لولا العرس والنمس لما سكنت مصر من كثرة الثعابين، وبها السمكة الرعادة ونفعها في البرء من الحمى إذا علقت على المحموم عجيب، وبمصر حطب السنط، ولا نظير له في معناه فلو وقد منه تحت قدر يوما كاملا لما بقي منه رماد، وهو مع ذلك صلب الكسر سريع الاشتعال بطيء الخمود. ويقال:

إنه أبنوس غيرته بقعة مصر فصار أحمر. وبها الأفيون عصارة الخشخاش، ولا يجهل منافعه إلا جاهل، وبها البنج وهو ثمر قدر اللوز الأخضر كان من محاسن مصر إلا أنه انقطع قبل سنة سبعمائة من الهجرة؛ وبها الأترج. قال أبو داود «١» صاحب السير في كتاب الزكاة:

شبرت قثاءة بمصر ثلاثة عشر شبرا، ورأيت أترجة على بعير قطعتين، وصيرت مثل عدلين.

قال المسعودي في التاريخ: والأترج المدوّر حمل من أرض الهند بعد الثلاثمائة من سني الهجرة، وزرع بعمان، ثم نقل منها إلى البصرة والعراق والشام، حتى كثر في دور الناس بطرسوس، وغيرها من الثغور الشامية، وفي أنطاكية وسواحل الشام وفلسطين ومصر، وما كان يعهد ولا يعرف فعدمت منه الأراهج الحمراء الطيبة، واللون الحسن الذي كان فيه بأرض الهند لعدم ذلك الهواء والتربة وخاصية البلد. وفي مصر معدن الزمرد، ومعدن النفط والشب والبرام ومقاطع الرخام، ويقال: كان بمصر من المعادن ثلاثون معدنا؛ وأهل مصر يأكلون صيد بحر الروم، وصيد بحر اليمن طريا لأن بين البحرين مسافة ما بين مدينة القلزم، والفرما، وذلك يوم وليلة، وهو الحاجز المذكور في القرآن قال تعالى: وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً

[النمل/ ٦١] قيل: هما بحر الروم، وبحر القلزم، وقال تعالى: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ

[الرحمن/ ١٩] . قال بعض المفسرين: البرزخ ما بين القلزم والفرما.

<<  <  ج: ص:  >  >>