للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يؤثر أحسن الخبر، ولا ينصرف بنا الفكر عمّا تحلى به السير، وتجلى به الغير، ولا تزال خواطرنا تعتلي فتطلع الدراري، وتغوص فتخرج الدرر، وإنّ أولى ما استحدّت به البصائر، وحرست فيه المصائر كل أمر يصحح المعاملات ويشرحها، ويطلق عقولهم من عقول الإشكال، ويسرّحها، ولما وجب نقل السنة الخراجية، والمطابقة بينها وبين الهلالية، لانفراجهما بسنتين، وموافقة الشهور الخراجية والهلالية في هذه السنة مطلع المستهلين أمضينا هذه السنة الخالية في هذه السنة الآتية، واستخرنا الله تعالى في نقل سنتي خمس وست وستين وخمسمائة إلى سنة سبع وستين وخمسمائة التي سميت بهذا النقل هلالية خراجية نفيا للأمور المشتبهة، والتسمية المموّهة، وتنزيها لسني الإسلام عن التكبيس، ولتاريخه عن ملابسة التلبيس، وإعلاما بالوفاق الذي استشعرته آباؤها وبنوها، وإعلانا باتباعه عناية بعوايد السلف التي خلفوها للخلف وبنوها، وفي ذلك ما تحمد به العواقب، وتنفسخ به المذاهب، وتتيسر به المطالب، ويزول به الإشكال، ويؤمن به الاختلال، وينحسم به الغلط في الحساب، ويؤلف بين السنين المتلفة الأنساب، ويحفظ على القمر معاملته، ويبعد عن التاريخ معاطلته، ويقرّب على الكاتب محاولته، ويصرف عن نعمة الله هجنة كونها مقدّمة في التسنية مؤخرة في التسمية، وعن معاملة بيت المال وصمة كونها معذوقة بالمطل، وقد بالغت في التوفيه لأنّ من أعطى في سنة سبع وستين وخمسمائة استحقاق سنة خمس، فلا ريب أنه قد مطل بحكم السمع، وإن كان قد أنجز بحكم الشرع فتوسم هذه السنة المباركة بالهلالية الخراجية، وترفع الحسبانات بهذا الوضع، ويعمل في التقريرات والتسجيلات على هذا، فليفعل في ذلك ما يقضي بإرتاج هذا الانفراج، وجبر هذا الصدع، وليعلم في الدواوين علمه، ولينفذ فيها حكمه بعد ثبوته إلى حيث يثبت مثله إن شاء الله تعالى.

وأما تاريخ العرب: فإنه لم يزل في الجاهلية والإسلام يعمل بشهور الأهلة، وعدّة شهور السنة عندهم: اثنا عشر شهرا، إلا أنهم اختلفوا في أسمائها، فكانت العرب العاربة تسميها: ناتق، ونقيل، وطليق، واسخ، أنخ، وحلك، وكسح، وزاهر، ونوط، وحرف، وبغش. فناتق هو: المحرّم، ونقيل هو: صفر، وهكذا ما بعده على سرد الشهور.

وكانت ثمود تسميها: موجب، وموجر، ومورد، وملزم، ومصد، وهوبر، وهوبل، وموها، وديمر، ودابر، وحيقل، ومسيل، فموجب هو: المحرّم، وموجر: صفر، إلا أنهم كانوا يبدأون بالشهور من ديمر، وهو شهر رمضان، فيكون أوّل شهور السنة عندهم، ثم كانت العرب تسميها بأسماء أخر هي: مؤتمر، وناجر، وخوّان، وصوان، وحنتم، وزبا، والأصم، وعادل، وبايق، ووعل، وهواع، وبرك، ومعنى المؤتمر: أنه يأتمر بكل شيء مما تأتي به السنة من أقضيتها، وناجر: من النجر، وهو شدّة الحرّ، وخوّان: فعال من الخيانة، وصوان، بكسر الصاد وضمها: فعال من الصيانة، والزبا: الداهية العظيمة المتكاثفة سمي

<<  <  ج: ص:  >  >>