للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عظيم القبط، سلام على من اتبع الهدى؛ أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام فأسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرّتين ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون) فلما قرأه أخذه فجعله في حق من عاج وختم عليه. وعن أبان بن صالح قال:

أرسل المقوقس «١» إلى حاطب ليلة وليس عنده أحد إلا الترجمان فقال له: ألا تخبرني عن أمور أسألك عنها فإني أعلم أن صاحبك قد تخيرك حين بعثك، قلت: لا تسألني عن شيء إلا صدقتك، قال: إلى ما يدعو محمد؟ قال: إلى أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتخلع ما سواه، ويأمر بالصلاة. قال: فكم تصلون؟ قال: خمس صلوات في اليوم والليلة، وصيام شهر رمضان، وحج البيت، والوفاء بالعهد، وينهى عن أكل الميتة، والدم. قال: من أتباعه؟ قال: الفتيان من قومه، وغيرهم. قال: وهل يقبل قوله؟ قال: نعم، قال: صفه لي؟

قال: فوصفته بصفة من صفته، ولم آت عليها، قال: قد بقيت أشياء لم أرك ذكرتها في عينيه حمرة قلّ ما تفارقه، وبين كتفيه خاتم النبوّة يركب الحمار، ويلبس الشملة، ويجتزي بالتمرات والكسر لا يبالي من لاقى من عمّ ولا ابن عمّ، قلت: هذه صفته، قال: قد كنت أعلم أن نبيا بقي وقد كنت أظنّ أن مخرجه الشام، وهناك كانت تخرج الأنبياء من قبله، فأراه قد خرج في أرض العرب في أرض جهد، وبؤس، والقبط لا تطاوعني في أتباعه، ولا أحب أن تعلم بمحاورتي إياك وسيظهر على البلاد وينزل أصحابه من بعده بساحتنا هذه حتى يظهروا على ما ههنا، وأنا لا أذكر للقبط من هذا حرفا فارجع إلى صاحبك. قال: ثم دعي كاتبا يكتب بالعربية فكتب: (لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط سلام. أما بعد:

فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبيا قد بقي وقد كنت أظن أن نبيا يخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وأهديت إليك بغلة لتركبها، والسلام) .

وعن عبد الرحمن بن عبد القاري قال: لما مضى حاطب بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قبل المقوقس الكتاب، وأكرم حاطبا وأحسن نزله، ثم سرّحه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهدى له كسوة، وبغلة بسرجها، وجاريتين إحداهما أمّ إبراهيم، ووهب الأخرى لجهم بن قيس العبدري، فهي أمّ زكريا بن جهم الذي كان خليفة عمرو بن العاص على مصر ويقال: بل وهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لمحمد بن مسلمة الأنصاريّ، ويقال: بل لدحية بن خليفة الكلبي، وقيل: بل لحسان بن ثابت.

<<  <  ج: ص:  >  >>