٢ لله عليه، وكان عبد الله بن سعد على ميمنة عمرو منذ توجه من قيسارية إلى أن فرغ من حربه، وكان بالإسكندرية أسقف للقبط يقال له: أبو ميامين، فلما بلغه قدوم عمرو إلى مصر كتب إلى القبط يعلمهم أنه لا يكون للروم دولة، وإنّ ملكهم قد انقطع، ويأمرهم بتلقي عمرو.
فيقال: إنّ القبط الذين كانوا بالفرما كانوا يومئذ لعمرو أعوانا، ثم توجه عمرو لا يدافع إلا بالأمر الخفيف، حتى نزل القواصر، فسمع رجل من لخم نفرا من القبط يقول بعضهم لبعض: ألا تعجبون من هؤلاء القوم يقدمون على جموع الروم، وإنما هم في قلة من الناس، فأجابه رجل منهم فقال: إن هؤلاء القوم لا يتوجهون إلى أحد إلّا ظهروا عليه، حتى يقتلوا خيرهم، وتقدّم عمرو لا يدافع إلا بالأمر الخفيف حتى أتى بلبيس فقاتلوه بها نحوا من الشهر حتى فتح الله عليه، ثم مضى لا يدافع إلا بالأمر الخفيف، حتى أتى أم دنين «١» ، فقاتلوه بها قتالا شديدا، وأبطأ عليه الفتح، فكتب إلى عمر يستمدّه فأمدّه بأربعة آلاف تمام ثمانية آلاف، وقيل: بل أمدّه باثني عشر ألفا، فوصلوا إليه أرسالا يتبع بعضهم بعضا.
فكان فيهم أربعة آلاف عليهم أربعة: الزبير بن العوّام، والمقداد بن الأسود، وعبادة بن الصامت، ومسلمة بن مخلد. وقيل: إنّ الرابع: خارجة بن حذافة دون مسلمة، ثم أحاط المسلمون بالحصن، وأميره يومئذ المندقور الذي يقال له: الأعيرج من قبل المقوقس بن قرقت اليونانيّ، وكان المقوقس ينزل الإسكندرية وهو في سلطان هرقل غير أنه كان حاضرا لحصن حين حاصره المسلمون، فقاتل عمرو بن العاص من بالحصن، وجاء رجل إلى عمرو فقال: اندب معي خيلا حتى آتي من دياراتهم عند القتال، فأخرج معه خمسمائة فارس عليهم: خارجة بن حذافة في قول، فساروا من وراء الجبل حتى دخلوا مغار بني وائل قبل الصبح، وكانت الروم قد خندقوا خندقا، وجعلوا له أبوابا، وبنوا في أفنيتها حسك الحديد، فالتقى القوم حين أصبحوا، وخرج خارجة من ورائهم، فانهزموا حتى دخلوا الحصن، وكانوا قد خندقوا حوله، فنزل عمرو على الحصن، وقاتلهم قتالا شديدا يصبحهم ويمسيهم، وقيل: إنه لما أبطأ الفتح على عمرو كتب إلى عمر بن الخطاب يستمدّه، ويعلمه بذلك، فأمدّه بأربعة آلاف رجل على كل ألف رجل منهم مقام الألف الزبير بن العوّام، والمقداد بن عمرو، وعبادة بن الصامت، ومسلمة بن مخلد، وقيل: بل خارجة بن حذافة لا يعدّون مسلمة. وقال عمر: إعلم أنّ معك اثني عشر ألفا، ولا تغلب اثنا عشر ألفا من قلة.
وقيل: قدم الزبير في اثني عشر ألفا، وإن عمرا لما قدم من الشام كان في عدّة قليلة،