وأينا غدر، فلا ذمّة له عند صاحبه، فناداه المصريون من جنبات المسجد سمعا سمعا فناداهم عدلا عدلا، ثم نزل ثم جمع له معاوية الصلات والخراج، وعقد عتبة لعلقمة بن زيد على الإسكندرية في اثني عشر ألفا من أهل الديوان تكون لها رابطة، ثم خرج إليها مرابطا في ذي الحجة سنة أربع وأربعين، فمات بها واستخلف على مصر عقبة بن عامر الجهنيّ، فكانت ولايته ستة أشهر.
ثم وليها: عقبة بن عامر «١» بن عبس الجهنيّ من قبل معاوية، وجعل له صلاتها وخراجها، وكان قارئا فقيها مفرضا شاعرا، له الهجرة والصحبة والسابقة، ثم وفد مسلمة بن محمد الأنصاريّ على معاوية، فولاه مصر، وأمره أن يكتم ذلك عن عقبة بن عامر، وجعل عقبة على البحر، وأمره أن يسير إلى رودس، فقدم مسلمة، فلم يعلم بإمارته، وخرج مع عقبة إلى الإسكندرية، فلما توجه سائرا استوى مسلمة على سرير إمارته، فبلغ ذلك عقبة فقال: أخلعا وغربة، وكان صرفه لعشر بقين من ربيع الأوّل سنة سبع وأربعين، وكانت ولايته سنتين وثلاثة أشهر.
فولي مسلمة بن مخلد «٢» بن صامت بن نيار الأنصاريّ من قبل معاوية، وجمع له الصلات والخراج والغزو، فانتظمت غزواته في البر والبحر، وفي إمارته نزلت الروم البرلس «٣» في سنة ثلاث وخمسين، فاستشهد يومئذ: وردان مولى عمرو بن العاص في جمع من المسلمين، وهدم ما كان عمرو بن العاص بناه من المسجد، وبناه وأمر بابتناء منارات المساجد كلها إلا خولان وتجيب، وخرج إلى الإسكندرية في سنة ستين، واستخلف عابس بن سعيد، ومات معاوية بن أبي سفيان في رجب منها، واستخلف ابنه يزيد بن معاوية، فأقرّ مسلمة، وكتب إليه بأخذ البيعة، فبايعه الجند إلّا عبد الله بن عمرو بن العاص، فدعا عابس بالنار ليحرق عليه بابه! فحينئذ بايع ليزيد، وقدم مسلمة من الإسكندرية، فجمع لعابس مع الشرط القضاء في سنة إحدى وستين، وقال مجاهد: صليت خلف مسلمة بن مخلد، فقرأ سورة البقرة، فما ترك ألفا ولا واوا، وقال ابن لهيعة عن الحرث بن يزيد: كان مسلمة بن مخلد يصلي بنا، فيقوم في الظهر، فربما قرأ الرجل البقرة، وتوفي مسلمة، وهو وال لخمس بقين من رجب سنة اثنتين وستين، فكانت ولايته خمس عشرة سنة وأربعة أشهر، واستخلف عابس بن سعيد.
ثم وليها سعيد بن يزيد بن علقمة بن يزيد بن عوف الأزدي من أهل فلسطين، فقدم