للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما قدم عمرو بن العاص غيبت الروم ذلك الجمل لئلا يكون شاهدا عليهم. قال ابن لهيعة: بلغني أن تلك الصورة في ذلك الموضع قد أتى الآن عليها سنين لا يدرى من عملها.

قال القضاعيّ: فهذه عشرون أعجوبة من جملتها ما يتضمن عدّة عجائب، فلو بسطت لجاء منها عدد كثير، ويقال: ليس من بلد فيه شيء غريب إلا وفي مصر مثله أو شبيه به. ثم تفضل مصر على البلدان بعجائبها التي ليست في بلد سواها.

وفي كتاب تحفة الألباب: أنه كان بمصر بيت تحت الأرض فيه رهبان من النصارى، وفي البيت سرير صغير من خشب تحت صبيّ ميت ملفوف في نطع أديم مشدود بحبل، وعلى السرير مثل الباطية فيها أنبوب من نحاس فيه فتيل إذا اشتعل الفتيل بالنار وصار سراجا خرج من ذلك الأنبوب الزيت الصافي الحسن الفائق حتى تمتلىء تلك الباطية، وينطفي السراج بكثرة الزيت فإذا انطفأ لم يخرج من الدهن شيء، فإذا خرج الصبي الميت من تحت السرير لم يخرج من الزيت شيء والباطية يريقها الإنسان فلا يرى تحتها شيئا، ولا موضعا فيه ثقب، وأولئك الرهبان يتعيشون من ذلك الزيت يشتريه الناس منهم فينتفعون به.

وقال الأستاذ إبراهيم بن وصيف «١» شاه: عديم الملك ابن تقطريم كان جبارا لا يطاق عظيم الخلق، فأمر بقطع الصخور ليعمل هرما كما عمل الأوّلون، وكان في وقته الملكان اللذان أهبطا من السماء، وكانا في بئر يقال له افتارة، وكانا يعلمان أهل مصر السحر.

وكان يقال: إن الملك عديم بن البودشير استكثر من علمهما، ثم انتقلا إلى بابل، وأهل مصر من القبط يقولون: إنهم شيطانان يقال لهما: مهلة وبهالة، وليس هما الملكين والملكان ببابل في بئر هناك يغشاها السحرة إلى أن تقوم الساعة. ومن ذلك الوقت عبدت الأصنام وقال قوم: كان الشيطان يظهر وينصبها لهم. وقال قوم: أوّل من نصبها بدوره وأوّل صنم أقامه صنم الشمس، وقال آخرون: بل النمرود الأوّل أمر الملوك بنصبها، وعبادتها وعديم أول من صلب، وذلك أن امرأة زنت برجل من أهل الصناعات، وكان لها زوج من أصحاب الملك، فأمر بصلبهما على منارين، وجعل ظهر كل واحد منهما إلى ظهر الآخر وزبر على المنارين اسمهما وما فعلاه، وتاريخ الوقت الذي عمل ذلك بهما فيه، فانتهى الناس عن الزنى وبنى أربع مداين، وأودعها صنوفا كثيرة من عجائب الأعمال والطلسمات، وكنز فيها كنوزا كثيرة وعمل في الشرق منارا وأقام على رأسه صنما موجها إلى الشرق مادّا يديه يمنع دواب البحر والرمال أن تتجاوز حدّه، وزبر في صدره تاريخ الوقت

<<  <  ج: ص:  >  >>